المقدّمة الأولى: في تحقيق معنى قوله تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
[1] و استدلال الفقهاء به في تصحيح العقود و لزومها، فإنّهم قد تداولوا ذلك في جميع الأعصار و الأمصار.
و قد يستشكل بأنّ المراد إن كان ما يسمّى عقدا لغة، فيلزم أن يكون كلّما يخترع و يصدق عليه أنّه عقد يجب الوفاء به. و التخصيص بالصحيحة منها يستلزم التخصيص الغير المرضيّ، فإنّ الباقي في جنب المخرج كالمعدوم.
و إن أريد العقود المتداولة المتعارفة في زمان الخطاب، فهي غير معلومة.
و يمكن دفعه بأنّ العقود المتعارفة المتداولة في زمانها من البيع و النكاح و الصلح و الهبة و الإجارة و نحوها ممّا ذكره الفقهاء لا ريب فيه تعارفها و تداولها في ذلك الزمان أيضا. و إنّما هي المتداولة في زماننا هذا، و الأصل عدم التغيير.
و استدلالاتهم ترجع إلى إثبات هذه العقود، و يتمسّكون بها في تصحيح هذه إذا شكّ في اشتراط شيء فيها، أو وجود مانع عن تأثيرها، و نحو ذلك، لا تصحيح عقد برأسه.
و أمّا مثل شركة الأبدان و المغارسة [2] و الشغار و نحو ذلك، فإن لم تجعل من أقسام هذه العقود بأنّ بطلانها من جهة فقدان شرط أو وجود مانع، فلا يلزم من إخراجها التخصيص الغير المرضيّ، كما لا يخفى.
و الظاهر أنّ المراد بالإيفاء بالعقد العمل على مقتضاه ما دام باقيا، فلا ينافي وجوب الإيفاء كون بعض العقود جائزا كالشركة و المضاربة و نحوهما.