لا يستلزم تفويض إيفاء حقوقها و عدمه إليه؛ و تسليم نفسها للزوجية المستلزمة لذلك تسلّطها على الطلاق الذي هو موجب للإسقاط، لا يوجب ائتمانها إيّاه في أنّه يوفّيها حقّها، و لا يكذّب في إيقاع ما يسقط حقّها شرعا، و هذا واضح.
و القول: «بأنّه مؤتمن من جانب اللّه، و هو أولى من ائتمان العبد» كلام ظاهري؛ إذ تقديم قول الأمين إنّما هو لأجل الوثوق و الاعتماد عليه في منافع من ائتمنه، و أنّه لا يفعل إلّا ما هو صلاح له، و للأخبار الدالّة عليه، مثل قولهم (عليهم السلام) في جملة من الأخبار: «ليس لك أن تتّهم من ائتمنته» [1].
و ما رواه الحلبي في الصحيح عن الصادق (عليه السلام): «صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان» [2].
و الظاهر أنّ المراد أنّهما محكومان بالائتمان شرعا، لا أنّهما أمينان واقعا، و لا محض أنّ المالك ائتمنهما فقط.
و لا ريب أنّ تفويض أمر الطلاق إلى الزوج ليس من هذا الباب، فلا ينتقض ما ذكرنا بحكاية الولي أيضا بأن يقال: «إنّه ليس ممّن ائتمنه العباد» لأنّ الولي مؤتمن المولّى عليه في منافعه، و لكن بأمر من اللّه تعالى؛ لكون المولّى عليه قاصرا ناقصا.
و بالجملة، الفرق بين المطلق و الوكيل و الولي أوضح من أن يحتاج إلى البيان.
فظهر أنّ الاستدلال بأنّه أمين لا يجري هنا.
و الاستدلال الآخر- يعني أنّه أعرف بنفسه و بقصده- فأنت خبير بأنّه إنّما يناسب ما لا سبيل إلى معرفته غالبا إلّا من قبله، لا أنّه لا يمكن صدوره إلّا منه.
و وجه استدلال الفقهاء بذلك لزوم العسر و الحرج، و عدم إمكان إقامة البيّنة في مثل القصد و النيّة، أو تعسّرها في مثل الحيض و الاحتلام و نحو ذلك.