و قد يخرج في أمثال ذلك خلاف بين الفقهاء، فاختلفوا في مثل ما لو أخبر الفاسق عن الحجّ نيابة إذا فعله للميّت تبرّعا، فقد يسمع و يجزي عن الميّت؛ لحمل قول المسلم على الصدق و الصحّة.
و قيل: لا؛ لقوله تعالى: إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا[1]، [2] و نحو ذلك.
فحينئذ، فسماع قول الصغار في تطهير الثوب، و سماع قول المرأة في الحيض و العدّة و نحو ذلك لا بدّ أن يقال: إنّه مخرج بالدليل، و هو العسر و الحرج و الإجماع و الأخبار في البعض، و إذا كان هناك مخاصمة بالفعل أو بالقوّة، فلا تسمع إلّا بالبيّنة.
و من جملة ما يعدّ من الدعوى و الخصام بالقوّة هو المطالبة من الميّت و الطفل و الغائب.
أقسام الخصام الفعلي و بيان أحكامه
و أمّا الخصام الفعلي فقد يكون مع إنكار المدّعى عليه، و قد يكون مع تمسّكه بالاستصحاب و إن لم يعلم بالحال، فإنّه لا ريب أنّه يعدّ من جملة الدعاوي، و لذلك يرجع إلى وارث الميّت في اليمين على نفي العلم، فإنّه مع كونه غير عالم بالحال يعدّ مدّعى عليه.
و الحاصل أنّ من جملة المخاصمات هو ما لو ادّعى أحد على الغير، و أجاب بأنّي لا أدري ما تقول، و مع ذلك يعدّ مدّعيا، و الطرف الآخر مدّعى عليه.
فقال الشهيد في القواعد: «لو ادّعت تسمية قدر، و قال الزوج: لا أعلم، و كان قد زوّجه وكيله، أو قال: أنسيت، حلف على نفي العلم، و يثبت مهر المثل، و يحتمل ما ادّعته؛ إذ لا معارض لها، و كذا لو ادّعت على الوارث فأجاب بنفي العلم» [3].