و المدرسة المجهولة الحال ممّا لم يعلم كونها ممّا ثبتت حرمة التصرّف فيها، فيدلّ على جواز التصرّف فيها أدلّة أصل البراءة مطلقا، و خصوص صحيحة عبد اللّه بن سنان المتقدّمة [1]؛ إذ المفروض أنّا لا نعلم أنّها من القسم الأوّل أو الثاني، غاية الأمر حصول مظنّة بأنّها من القسم الأوّل من جهة القرائن المذكورة، و المظنّة و لا تكفي في المنع؛ إذا الصحيحة ناطقة باشتراط العلم بكونها محرّمة، و العلم حقيقة في القطع و الجزم لو لم نقل بكونه حقيقة في اليقين، و كذلك أدلّة أصل البراءة من العقل و النقل، فهذا من باب «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» [2]. و «كلّ ماء طاهر حتّى يعلم أنّه قذر» [3] حتّى أنّهم ربّما يتأمّلون في كفاية شهادة العدلين في الحكم بالنجاسة.
نعم، ورد في الحلال و الحرام رواية بجواز العمل بالبيّنة، مثل ما روي عن الصادق (عليه السلام): «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، و ذلك يكون مثل الثوب عليك قد اشتريته و هو سرقة، أو المملوك عندك و لعلّه حرّ قد باع نفسه، أو خدع فبيع، أو قهر، أو امرأة تحتك و هي أختك أو رضيعتك، و الأشياء كلّها على هذا حتّى يتبيّن لك غير ذلك، أو تقوم به البيّنة» [4].
و المفروض في ما نحن فيه فقد البيّنة على أنّه ممّا لا يجوز التصرّف فيه أيضا.
و بالجملة، هذا من شبهة الموضوع، و قد اتّفقت كلمة المجتهدين و الأخباريين
[1]. الفقيه 3: 216، ح 1002؛ تهذيب الأحكام 9: 79، ح 337؛ وسائل الشيعة 16: 403، أبواب الأطعمة المحرّمة، ب 64، ح 2.
[2]. تهذيب الأحكام 1: 284، ح 832؛ وسائل الشيعة 2: 1054، أبواب النجاسات، ب 37، ح 4.
[3]. الكافي 3: 1، ح 2، و 3؛ تهذيب الأحكام 1: 215، ح 619 و 621؛ وسائل الشيعة 1: 99، أبواب الماء المطلق، ب 1، ح 2 و 5.
[4]. الكافي 5: 313، ح 40؛ تهذيب الأحكام 7: 226، ح 989؛ وسائل الشيعة 12: 60، أبواب ما يكتسب به، ب 4، ح 4.