قبيل إجراء صيغة النكاح لمن يمكنه الزنا، سيّما مع اجتماع جميع آداب النكاح و شرائطه سوى الصيغة، فتصحيح ذلك الداعي، و بناء المعاملة عليه في غاية الدقّة و الخفاء، فنبّه (عليه السلام) على أنّه لا بدّ أن يكون المقصود بالذات هو العقد الآخر، لا أن يكتفى بمجرّد اللفظ، أو بمجرّد الإخطار بالبال.
و إن صعب عليك فهم ما قلته، فلنمثّل لك بمثال آخر و هو أنّ ظالما يجبر أحدا على طلاق زوجته لأن ينكحها لنفسه، مع أنّ ذلك المظلوم لا يرضى بذلك، و له محبّة شديدة و علاقة أكيدة بتلك الزوجة، بحيث لا يرضى مفارقتها [1] بلمحة، لكن بعد ما يتصوّر أنّه إذا لم يرض بالطلاق فلا يقع الطلاق، و تكون الصيغة لغوا، و يأخذها الظالم و ينكحها و يتصرّف بها و يدخل بها مع كونها زوجته و في حباله، فيجاهد نفسه و يريد طلاقها واقعا و حقيقة، ليصح، و تخرج من حباله.
فهذا ليس بطلاق مكره، بمعنى غير مريد، بل طلاق مكره بمعنى منافر، و الفرق بين الشهوة و النفرة و الإرادة و الكراهة واضح.
فهذا معنى خفاء الربا، و كونه أخفى من دبيب النملة؛ لكمال صعوبة تصحيح الداعي، سيّما مع عدم موافقة الشهوة و النفرة.
و لا ريب أنّ العقود المختلفة و الإيقاعات المتخالفة مبنيّة على مميّزات حقيقيّة و فصول ذاتيّة، و تواردها في الواقع و اتّحادها في الثمرات لا يوجب رفع الاثنينيّة.
ألا ترى أنّهم يفرّون من دعوى الشفع بتبديل البيع بالصلح، و إن اتّفقا في المورد و اتّحدت الثمرات، و لو من جهة الاشتراط بينهما، كإثبات الخيار و إسقاطه بالشرط و نحو ذلك، و كذلك الكلام في النذر و العهد و أمثال ذلك.
فإذا كانت هذه المخالفات بين العقود و الإيقاعات أمورا حقيقيّة لا اعتباريّة، فأيّ مانع من اختيار أحدها مكان الآخر لغرض يتعلّق بذلك دون الآخر؟ و لكن لا بدّ في