16
و راحوا بحزن ليس فيهم نبيّهم # و قد وهنت منهم ظهور و أعضد
17
يبكّون من تبكي السّماوات يومه # و من قد بكته الأرض فالناس أكمد
18
و هل عدلت يوما رزيّة هالك # رزيّة يوم مات فيه محمّد
19
تقطّع فيه منزل الوحي عنهم # و قد كان ذا نور يغور و ينجد
20
يدلّ على الرّحمن من يقتدي به # و ينقذ من هول الخزايا و يرشد
21
إمام لهم يهديهم الحقّ جاهدا # معلّم صدق إن يطيعوه يسعدوا
22
عفوّ عن الزّلات يقبل عذرهم # و إن يحسنوا فاللّه بالخير أجود
23
و إن ناب أمر لم يقوموا بحمله # فمن عنده تيسير ما يتشدّد
24
فبينا هم في نعمة اللّه وسطهم # دليل به نهج الطّريقة يقصد
25
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى # حريص على أن يستقيموا و يهتدوا
26
عطوف عليهم لا يثنّي جناحه # إلى كنف يحنو عليهم و يمهد
27
فبينا هم في ذلك النّور إذ غدا # إلى نورهم سهم من الموت مقصد
28
فأصبح محمودا إلى اللّه راجعا # يبكّيه حقّ المرسلات و يحمد
29
و أمست بلاد الحرم وحشا بقاعها # لغيبة ما كانت من الوحي تعهد
30
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها # فقيد تبكّيه بلاط و غرقد
31
و مسجده فالموحشات لفقده # خلاء له فيه مقام و مقعد
32
و بالجمرة الكبرى له ثمّ أوحشت # ديار و عرصات و ربع و مولد
33
فبكّي رسول اللّه يا عين عبرة # و لا أعرفنك الدّهر دمعك يجمد
34
و ما لك لا تبكين ذا النّعمة التي # على النّاس منها سابغ يتغمّد