قصد بعض طلّاب الحديث أبا نعيم الأصبهاني و طلبوا منه أن يضع لهم كتابا يجمع فيه الأحاديث و الروايات الواردة في رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم)، و التي تعتبر الدلائل على صدق نبوته عليه الصلاة و السلام؛ و نحن لا نشك بأنّ كتب ابن إسحق و الواقدي و غيرهما من المؤرخين الذين كتبوا في سيرة الرسول الأعظم كانت متوفرة في ذلك الزمن، و لكن هذه الكتب ليست بغيتهم، فإنّهم يطلبون من شيخهم كتابا يجمع المنتشر من الروايات، فأجابهم الشيخ إلى طلبهم و صنف لهم كتاب «دلائل النبوة» و في ذلك يقول أبو نعيم:
«لقد سألتم- عمّر اللّه بالبصائر الجميلة طوياتكم، و نوّر في المسير إلى وفاقه أوعيتكم و نياتكم- جمع المنتشر من الروايات في النبوة و الدلائل، و المعجزات، و الحقائق، و خصائص المبعوث محمد (صلى اللّه عليه و سلم) بالسنا الساطع، و الشفاء النافع الذي استضاء به السعداء، و اشتفى به الشهداء، و استوصل دونه البعداء، فاستعنت باللّه و استوفقته و به الحول و القوّة، و هو القوي العزيز» ا ه.
فصول الكتاب:
و هكذا استجاب الإمام الحافظ أبو نعيم لرغبة طلّابه فشمر عن ساعد الجد، و أخذ يجمع طرق الحديث و رواياته، ثمّ حررها ثمّ صنفها، و قسم كتابه هذا- دلائل النبوة- إلى خمسة و ثلاثين فصلا، تحدث في جملة منها