اسم الکتاب : دروس في مسائل علم الأصول المؤلف : التبريزي، الميرزا جواد الجزء : 1 صفحة : 302
الحاصل. و إن كان المراد أنّه لا محيص عن صدور الفعل المذكور، فيكون مقتضى إرادة اللّه حصول مبادئ الإرادة للعبد، و هو يقتضي لا بدّية صدور الفعل، فهذا أيضا يساوي مسلك الجبر؛ إذ مع حصول مبادئ الإرادة تكون إرادة العبد واجبة الوجود و المفروض أنّ إرادة العبد علّة تامّة لصدور الفعل عنه، فأين الاختيار، و كيف يصحّ التكليف، و كيف يصحّ عقابه على مخالفة التكليف؟ مع أنّ العبد البائس المسكين لا يتمكّن من ترك المخالفة مع حصول مبادئ الإرادة بتبع شقاوة ذاته، أو بإرادة اللّه (عزّ و جل)، و معه كيف يصحّ التوبيخ بمثل قوله سبحانه قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ[1].
مع أنّ للعبد المسكين أن يجيب بأنّي لا أتمكّن من الشكر لك، فأنت الذي أوجدت مبادئ إرادة الكفر و الطغيان في نفسي، أو إنّ لي ذاتا لازمها الشقاوة المستتبعة لمبادئ الكفر و النفاق و الطغيان، و لا حيلة لي بغيرها، فكيف يصح عقابه؟ و في الصحيح عن يونس بن عبد الرحمن، عن عدة، عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال له رجل: جعلت فداك أجبر اللّه العباد على المعاصي؟ فقال: اللّه أعدل من أن يجبرهم على المعاصي، ثمّ يعذبهم عليها، فقال له: جعلت فداك، ففوّض اللّه إلى العباد؟ فقال: لو فوّض إليهم لم يحصرهم بالأمر و النهي، فقال له: جعلت فداك، فبينهما منزلة؟ قال فقال: نعم، أوسع ما بين السماء و الأرض [2].