اسم الکتاب : دروس في مسائل علم الأصول المؤلف : التبريزي، الميرزا جواد الجزء : 1 صفحة : 303
الملاك في اختيارية افعال العباد:
و بالجملة ما ذكروه من قاعدة «عدم إمكان حدوث شيء إلّا عن علّة تامّة» و «أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد» لا تجري في الأفعال الاختيارية، حيث إنّ المعلول وجوده ترشحي، أو انفعال بالخاصيّة، بخلاف الفعل الاختياري، فإنّ قدرة الفاعل على أمر لا تتحقّق إلّا إذا تساوى طرفاه من الفعل أو الترك بالإضافة إلى الفاعل، فلو لم يكن الفاعل متمكّنا على كلّ من إيجاده و تركه قبل أن يصدر منه الفعل، لما كان في البين قدرة، بل كان جبر و اضطرار، حتّى بالإضافة إلى الواجب (جلّ علا)، حيث إنّه بقدرته الذاتية يختار كون الشيء فيوجد، بلا فرق بين تعلّق إرادته بالوجود عن طريق المقدمات الإعدادية أو بدونها.
و الحاصل إمكان صدور الفعل عن الفاعل بالاختيار لا يحتاج إلى غير قدرته عليه، نعم العاقل لا يصرف قدرته فيما لا يعنيه و ما ليس له فيه صلاح، بل يصرفها على أحد طرفي الشيء لغرض، من غير أن يكون ترتّب الغرض على ذلك الطرف موجبا لسلب قدرته عن الطرف الآخر، و بتعبير آخر: يكون ترتّب الغرض على أحد طرفي الشيء مرجّحا لذلك الطرف على الآخر؛ و لذا يسمّى إعمال القدرة و صرفها في أحد طرفي الشيء اختيارا؛ لأنّ الإنسان يأخذ بما فيه الخير، و قد اعترف الماتن (قدّس سرّه) في بحث التجرّي [1] ببعض ما ذكرناه- من كون اختيارية الفعل بالتمكّن من عدمه- حيث ذكر أنّ بعض مبادئ اختيار الفعل اختيارية، لتمكّنه من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب عليه، فراجع.