الاستعمال أن يتعقل معنى و يجعل اللفظ حاكيا و مرآة له، و هذا لا يتحقق إلا بالاثنينية و التعدد.
لا يقال: يكفي التعدد الاعتباري، بأن يقال: ان لفظ زيد مثلا من حيث إنه لفظ صدر من المتكلّم دالّ، و من حيث إن شخصه و نفسه مراد مدلول.
لأنا نقول هذا النحو من الاعتبار يطرأ بعد الاستعمال، فلو أردنا تصحيح الاستعمال بهذا النحو من التعدد يلزم الدور [1]، لكن* 13 يمكن مع ذلك القول بصحة قولنا «زيد لفظ، أو ثلاثي»* 14 مع كون الموضوع في القضية شخص اللفظ الموجود، بأن يكون المتكلّم بلفظ زيد بصدد ايجاد الموضوع لا بصدد الحكاية عن الموضوع حتى يلزم اتحاد الدالّ و المدلول، فيخرج حينئذ من باب استعمال اللفظ.
فتحصّل أن زيدا في قولنا: زيد لفظ، أو ثلاثي، يمكن أن يراد منه نوعه فيكون هناك لفظ و معنى، و أن يقصد المتكلّم ايجاد الموضوع فلا يكون من باب استعمال اللفظ، هذا في المحمولات التي يمكن أن تحمل على الشخص المذكور في القضية، و أما في المحمولات التي لا تعمّ هذا الشخص كقولنا «ضرب فعل ماض» فلا يمكن إلا أن يكون من باب الاستعمال.
[في ان الالفاظ موضوعة لذوات المعاني او للمعاني المرادة]
و منها: هل الألفاظ موضوعة بازاء المعاني من حيث هي، أو بازائها من حيث انها مرادة للافظها؟
قد اسلفنا سابقا انه لا يتعقل ابتداء جعل علقة بين اللفظ و المعنى، و ما يتعقل في المقام بناء الواضع و التزامه بأنه متى أراد المعنى الخاص و تعلّق غرضه
[1] و فيه ان الموضوع في القضية لا بد و ان يتصور و تصور زيد قبل الوجود لا يكفى في الحكم عليه بملاحظة الفراغ من الوجود «منه»