على أنّ شيخنا الاستاذ (قدّس سرّه) أورد ثانيا بعين ما أورد في الكفاية على الجهة الثانية، و هو أنّ الالتزام بالنقل و التجوّز في الصفات يستلزم تعطيل العقول عن فهم الأوراد و الأذكار بالكلّية، و يكون التكلّم بها مجرّد لقلقة لسان بلا حاصل.
و أورد في الكفاية على الجهة الثانية، و ملخّص إيراده- على الجهة الثانية التي هي عبارة عن أنّ اعتبار التلبّس و القيام يقتضي الاثنينيّة و التعدّد- أنّه لا مانع من تلبّس ذاته تعالى بمبادئ صفاته العليا، فإنّ التلبّس على أشكال مختلفة، تارة يكون التلبّس و القيام بنحو الصدور، و اخرى بنحو الوقوع، و ثالثا بنحو الحلول، و رابعا بنحو الانتزاع كما في الاعتبار و الإضافات، و خامسا بنحو الاتّحاد و العينية، كما في قيام صفاته العليا بذاته المقدّسة، فإنّ مباديها عين ذاته المقدّسة. و هذا أرقى و أعلى مراتب القيام و التلبّس و إن كان خارجا عن الفهم العرفي [1].
و قد بيّنا غير مرّة أنّ أنظار العرف لا تكون متّبعة إلّا في موارد تعيين مفاهيم الألفاظ من حيث السعة و الضيق، و المعتمد في تطبيقات المفاهيم على مواردها ليس إلّا النظر العقلي، فإذا كان هذا تلبّسا و قياما بنظر العقل- بل كان من أتمّ موارده و مراتبه- لم يضرّ عدم إدراك أهل العرف ذلك.
و بهذا التقريب انقدح أنّه لا وجه لما التزم به في الفصول من النقل في الصفات الجارية عليه عزّ و جلّ عمّا هي عليه من المعنى، و كيف كان فإنّ هذه الصفات إن كانت بغير ما لها من معانيها جارية على ذاته المقدّسة فمن الواضحات الأوّلية أنّه إمّا أن تكون مجرّد لقلقة اللسان و تلفّظا بألفاظ مهملة، فإنّ غير هذه المفاهيم