بسيط و لها صفحة واسعة لقوله تعالى: وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها قادرة بالفعل على أن تجمع بين تعقّلين و تصوّرين و لحاظين مستقلّين في صفحتها الواسعة في آن واحد باستعمال واحد على نحو الاستقلال بلا شكّ و لا إشكال، و يدلّك على ذلك امور متعدّدة:
الأوّل: ما تقدّم من المثال المتقدّم من حمل شيء و الحكم بثبوته له كقولك:
زيد قائم- مثلا- يستدعي لحاظ كلّ من الموضوع و المحمول و النسبة في آن واحد و هو آن الحكم، و إلّا لكان الحكم من النفس ممتنعا، ضرورة أنّ مع الغفلة لا يمكن الحكم بثبوت شيء لشيء، إذ لا مانع من الجمع بين اللحاظين المستقلّين في آن واحد، فإنّ الجهل و الحكم دائما يستلزمان ذلك، كيف فإنّ المتكلّم حين الحكم لا يخلو إمّا أن يكون غافلا، و إمّا أن يكون ملتفتا إلى كلّ واحد من الموضوع و المحمول و النسبة، و لا ثالث في البين، و حيث إنّ الأوّل غير معقول فتعيّن الثاني. و هذا معنى استلزام الحمل و الحكم الجمع بين اللحاظين الاستقلاليين.
الثاني: أنّه قد يصدر من شخص واحد فعلان أو أزيد في آن واحد و لو بأن يكون أحدهما بآلة و الآخر بآلة اخرى، مثلا الإنسان يشتغل لسانه بالكلام و يحرّك يده في آن واحد، و من الواضح البيّن أنّ كلّا منهما فعل اختياري مسبوق بالإرادة و اللحاظ، و على ذلك فالإتيان بفعلين في آن واحد لا محالة يستلزم لحاظ كلّ واحد منهما بلحاظ استقلالي في آن واحد كذلك.
الثالث: أنّا إذا نظرنا في وجداننا و إلى أنفسنا وجدناها قادرة على تصوّر امور متباينة و متضادّة أو متماثلة بلحاظات و تصوّرات مستقلّة في آن واحد من دون وجود مانع عنه.
فحاصل الكلام أنّ اجتماع اللحاظين المستقلّين في استعمال واحد مع تعدّد