اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي الجزء : 1 صفحة : 50
العمدة في حسن الأدب» [1] . إلاّ أنّه يؤخذ عليه في نقده أنه كان أحيانا إذا أحبّ شاعرا أثنى عليه و إن غضب على آخر تحامل عليه في نقده، كما فعل في ثنائه على أغلب أصحاب التورية أمثال جمال الدين بن نباتة و المتنبي و الوداعيّ و القاضي الفاضل، و في تحامله على أصحاب الجناس و على رأسهم صلاح الدين الصفديّ، و ابن العطّار و ابن الخرّاط. كما أن هناك ظاهرة أخرى تعكس لنا ذوقة الأدبيّ و النقديّ، ألا و هي ظاهرة الاختيار في الأدب و البلاغة، لما فيه من روح نقديّة إذ تجمع المتشابه من الأدب في باب، و المتشابه من شواهد البلاغة في باب آخر.
إلاّ أنّ ما يميّز ابن حجّة عن غيره من النقّاد أنّه راح يطبّقها على نثر الآخرين و شعرهم كما طبّقه على شعره و نثره، فمن ينظر في شرحه لبديعيته يجد فيه نزوعه إلى هذا التطبيق الذي يدلّ على فكره النقديّ الجانح إلى التعليل و حسن الاختيار، و التماس الأسباب للمسبّبات و المعرفة في فقه الألفاظ و تدبّر معانيها؛ و أمثلة ذلك كثيرة في شرحه، منها ما ورد في باب «براعة الاستهلال» ، و باب «التخيير» ، و باب «الانسجام» [2] ... و من أمثلته النقديّة التطبيقية اشتراطه أن يكون الغزل في مطالع المدائح النبويّة محتشما ينسجم مع جلال الممدوح و قدره، و هذا ما كان قد طبّقه على مدائحه و راح يطبّقه على شعر الآخرين الذين أخلّوا بهذه الشروط [3] . و من آرائه في النقد التطبيقي التي تدلّ على دقّة في النظر و حصافة في الرأي قوله في باب «مراعاة النظير» : «فإنّهم عابوا على أبي نواس قوله (من المجتثّ) :