responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 212

و حسن المطلب و المقطع، و تمكن قوافيها، و ظهور القوى فيها، و عدم الحشو فيها، بحيث يحسبها السامع غفلا من الصنائع. و لم أرسل هذه الدعوى عارية عن بيّنة، فقد قالت الحكماء: «الأخير يتعقّب النظر» ، فانظر أيّها الناقد الأديب و العالم اللبيب إلى غزارة الجمع ضمن الرياقة في السمع، فإنّها نتيجة سبعين كتابا لم أعد منها بابا، فاستغن بها عن حشو الكتب المطوّلة، و وعر الألفاظ المعظّلة... » [1] .

و يلاحظ أنّ الحلّيّ لم يلتزم في بديعيته تسمية النوع البديعيّ في كلّ بيت، اكتفاء بالتعريف به عن طريق المثال، و لعلّه أراد بذلك أن يسبغ على بديعيّته صفة الوضوح و الجمال الشعريّ، و أن يجنّبها صنعة التعقيد في النظم عند التزام تسمية النوع البديعيّ ضمن البيت.

و كان لشرحه على بديعيته قيمة كبيرة و أثر بالغ في علم البديع، فقد كانت شخصية الحلّيّ بارزة واضحة في شرحه، و قد عرض مادّته بأسلوب محكم الصياغة، دقيق المصطلح كثير الشواهد، عديد المراجع، مدعم بأقوال علماء البلاغة، كما تميّزت عباراته بأمانته العلمية المعهودة في عزوه كلّ قول إلى صاحبه، أمّا اختياره للشواهد فيدلّ على ذوق رفيع و إحساس بجمال اللفظ و المعنى. و لعلّ طريقته الجديدة في التأليف البلاغيّ أغرت المؤلّفين بعده باتباعه و محاكاة طريقته، و ربّما بزّوه و تجاوزوه بعد أن أفادوا من تجربته في نظم «البديعيات» و شرحها، من هؤلاء ابن حجّة الحمويّ، و عزّ الدّين الموصليّ، و ابن جابر الأندلسيّ، و أبو سعيد شعبان الآثاري، و ابن المقرئ، و جلال الدين السيوطيّ، و عائشة الباعونية، و عبد الغني النابلسيّ. كما أن لشرح بديعيته قيمة أخرى غير تأثيره في حركة التأليف البلاغي التي تلته، و هي أنّه لخّص فنون البديع و أضاف إليها، و حوّل هذا الفنّ إلى علم يكتشف به القارئ جمال المعنى، و يعين الأديب على تحسين أسلوبه و تزيينه بطرق التعبير التي تخدم المعنى. و بهذا يقدّم كتابه هذا مفاتيح التفهّم الجمالي للأدب، و يعين على ممارسة النقد الأدبيّ، بالإضافة إلى كونه كشف عن أبيات من الشعر لم تذكر في المصادر الأدبية إلاّ لماما، و عرّف ببعض الشعراء و المؤلفين و المصنفات البلاغية التي ما زال معظمها مفقودا أو مخطوطا.


[1] شرح الكافية البديعية ص 54-55.

اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 212
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست