responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 189

العربيّ، سما بالمنظومات التعليمية إلى مرتبة الغرض الشعريّ، كما سما بغرض المديح عن المآرب و الغايات القريبة، بالإضافة إلى أنّها تملأ فراغ الشاعر و تشغله فيما لو وجد فراغا، و لهذا لم تكن البديعيات سببا في ضعف الشعر، بل كانت عاملا على ارتقائه في الشكل و المضمون إلى حدّ كبير.

أمّا بالنسبة لعلم البديع فحسبه أنه اصطبغ بهذه القصائد بصفة التكريم و التعظيم، و نال من الاهتمام و التقدير ما لم تنله العلوم البلاغية الأخرى في مباحث المعاني و البيان. أضف إلى ذلك إنّ أقلّ ما يمكن أن توصف به البديعيات عند غير محبّيها، أنّها لون من ألوان الشعر التعليميّ، شأنها في ذلك شأن المتون العلمية المنظومة كألفيّة ابن مالك في النحو، و الرّحبيّة في الفرائض، و الشاطبيّة في القراءات، و غيرها... و حتى في هذا التقييم فإن البديعيات «متون» تعليميّة جمعت فنون البديع، و قدّمتها سهلة سائغة إلى الناس جميعا، فنقلت هذا العلم «البديع» من برجه العاجيّ الذي لا يقربه إلاّ المختصّون، إلى حياة الناس فعاشت معهم سبعة قرون عزيزة مكرّمة.

و رأى علي أبو زيد في كتابه «البديعيات في الأدب العربيّ» أن البديعيات، رغم ذلك كلّه، «برزخ بين الشعر الرائع، و النظم التأليفيّ، فلا يستطيع المرء أن يدرجها تحت أيّ منها، و السبب يتمثّل باشتراك العاطفة مع التأليف، فالممدوح مثل كامل، و القصيدة مدحيّة، و هنا تجود القرائح و تهتزّ الأريحيّة، و يمدح الشاعر و لا حرج، و أوضح ما يكون ذلك في بديعية الحلّيّ، ثم بديعية الباعونية و النابلسيّ الصوفيّين... » [1] .

و مهما قيل في أمر هذه البديعيات من «أنّها متكلّفة و أنّها ساقطة النظم، عسرة الأسلوب، ركيكة التراكيب، فهي على كلّ حال، فنّ شعريّ جديد، ولد و شبّ و ترعرع في العصر المملوكيّ و شغل أذهان أدباء العربية حقبة من الزمن طويلة، و أثرى العلم و الأدب من ورائه ثروة لا يستهان بها، و بخاصّة من شروح البديعيّات» ، و لا سيّما المطوّل منها.


[1] عصر سلاطين المماليك 6/159.

اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست