اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي الجزء : 1 صفحة : 186
فالإكثار من الشواهد، منظومها و منثورها، و البحث عن كلّ ما يستجاد و يستملح منها، و البحث عن مواطن الجمال فيها، إنّما هو من خصائص المدرسة الأدبية، مع تعريف النوع البديعيّ بأقصر عبارة و أوضح أسلوب، و بهذا تكون البديعيّات قد عادت بالبديع إلى رياض الأدب و أحضان المدرسة الأدبية، و خلّصته من قيود الفلسفة و المنطق و الأحكام العقليّة الجافّة التي سيطرت على البلاغة منذ بداية القرن السادس الهجريّ إلى زمن ظهور البديعيات و شروحها [1] .
4-استنباط أنواع بديعيّة جديدة:
لقد فتح ابن المعتزّ في كتابه «البديع» بابا لاستخراج أنواع جديدة من البلاغة عامة و استنباطها على مرّ الأيّام عند ما قال: «و نحن الآن نذكر بعض محاسن الكلام و الشعر، و محاسنها كثيرة لا ينبغي للعالم أن يدّعي الإحاطة بها... و يعلم الناظر أنّا اقتصرنا بالبديع على الفنون الخمسة اختبارا من غير جهل بمحاسن الكلام... فمن أحبّ أن يقتدي بنا و يقتصر بالبديع على تلك الخمسة فليفعل، و من أضاف من هذه المحاسن أو غيرها شيئا إلى البديع، و لم يأت غير رأينا، فله اختياره» [2] .
و بذلك بدأ العلماء يبحثون عن أنواع جديدة و يرصدونها و يجرون وراء استنباطها و تسجيلها و الفوز بقصبات السبق في ذلك [3] . و دأب أصحاب البديعيّات دأب هؤلاء، و راحوا يبحثون عن أنواع جديدة يضيفونها إلى البديع، مع العلم أن فاتح باب البديعيات، صفي الدين الحليّ، أحجم عن ذكر أيّ نوع جديد استنبطه في بديعيّته خوفا من ألسنة الحاسدين، و قد أشار إلى ذلك بقوله: «ثمّ أخليتها من الأنواع التي اخترعتها، و اقتصرت على نظم الجملة التي جمعتها، لأسلم من شقاق جاهل حاسد أو عالم معاند، فمن شاقق راجعته إلى النقل، و من وافق و كلته إلى شاهد العقل» [4] .
إلاّ أنّ من تابع الحلّيّ في صنيعه ذاك لم يلتزم بما التزم به في قوله هذا، بل لقد