responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 185

و العقليّة، و كان نتيجة ذلك أن ظهرت مدرستان بلاغيّتان هما: المدرسة الأدبية، و المدرسة الكلامية، أو كما يسمّيهما السيوطيّ: طريقة العرب و البلغاء، و طريقة العجم و أهل الفلسفة، و كان لكلّ من هاتين المدرستين خصائصها و مميزاتها و رجالها الأعلام‌ [1] .

أمّا المدرسة الأدبية فلم تهتمّ بالتحديد و التقسيم للأنواع البديعية، كما أنها لم تعتمد على المنطق و مسائل الفلسفة، بل كانت تستعمل المقاييس الفنيّة في الحكم على الأدب مع سهولة العبارة و سلامة التركيب و وضوح الدّلالة، و الإكثار من الشواهد الشعريّة و النثريّة.

و على العكس منها كانت المدرسة الكلامية، إذ كان للفلسفة و المنطق أثر كبير فيها، و كان اعتمادها و اهتمامها على التحديد الجامع و التقسيم المنطقيّ للأنواع البديعية، و الإقلال من الشواهد، و الاكتفاء بشواهد دالّة. و إن كانت خالية من أيّة قيمة جماليّة. و بين تنازع هذه المدرسة و تلك المدرسة ترعرعت البلاغة العربية و توضّحت معالمها إلى أن جاء عصر «البديعيّات» .

و كان ابن المعتزّ صاحب أول كتاب في «البديع» يعدّ من أصحاب المدرسة الأدبية و كبار مؤسّسيها، و ذلك بسلوكه طريقها في كتابه، و نهج بعض المؤلّفين في البلاغة نهجه، إلاّ أنّ هذه المدرسة قد اضمحلّت أمام مزاحمة المدرسة الكلاميّة لها في بدايات القرن السادس الهجريّ، و لا سيّما بظهور «مفتاح» السكاكيّ الذي اعتمد في تأليفه على الأسلوب المنطقيّ و الاستنباط العقليّ و التحديد الفلسفيّ، و بهذا كان السكاكي «أوّل الجناة المسرفين على علم البلاغة بإخضاعه للعلوم العقلية، فأضاع بهجته، و أخلق ديباجته» [2] .

و في غمرة هذا التنازع بين المدرستين و تجاذب البلاغة بينهما، ظهرت «البديعيات» بثوبها الشعريّ الطريف، مزيّنة بشروحها، زاهية بمضمونها، متلألئة بين صفحات تلك الشروح التي قطفت من رياض الأدب أطيب ثمارها و أجمل أزهارها و أكثرت منها لدرجة كادت معها تضيع معالم «البديعية» و ينسى الغرض الذي تهدف إليه تلك الشروح، و هو توضيح الأنواع البديعيّة و تحديدها.


[1] الصبغ البديعي ص 253.

[2] انظر البديعيات في الأدب العربي ص 260.

غ

اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 185
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست