اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي الجزء : 1 صفحة : 160
يقول في معرض حديثه عن البردة: «و سار كثير من شعراء العصر على أثر البردة...
و لكن صفيّ الدين الحلّيّ و من تبعه انتهجوا نهجا جديدا في مدائحهم إذ طرّزوها بالبديع، و أسموها «البديعيات» ، ضمّنوا كلّ بيت فيها نوعا من البديع، فجعلوها مديحا و متنا في علم البديع معا» [1] .
كما أجزأ محمّد سلطاني عن تعريف البديعية ما ذكره في كتابه [2] عن أزمانها و عددها و غايتها و طرائقها و موضوعاتها و بحورها، متمثّلا بذلك ما جاء في «الصبغ البديعيّ» .
و قد عبّر هلال ناجي أثناء تقديمه لـ «بديعيات الآثاريّ» عن مفهوم «البديعيات» بقوله: «كانت بردة البوصيري في مدح الرسول (صلى اللّه عليه و سلم) منعطفا ضخما في تاريخ الشعر العربيّ، و قد اندفع إلى محاكاتها وزنا و رويّا و غرضا، عدد كبير من شعراء العربية عبر العصور، مع احتفالهم بالبديع، فأطلق على قصائدهم هذه اسم «البديعيات» » [3] .
ثم جاء بكري شيخ أمين بتعريف لهذه البديعيات فقال: «إنها قصائد مطوّلة، تزيد القصيدة الواحدة على خمسين بيتا، و قد تبلغ المائة، أو المائة و الخمسين بيتا، و قد تصل أحيانا إلى ما يقرب من ثلاثمائة بيت... و حيث إن هذه القصائد جميعا قد اتّفقت على استعراض فنون البديع ضمن أبياتها، فإنّ ذلك هو السبب الذي دعا العلماء إلى أن يطلقوا على القصيدة من هذا النوع اسم «البديعية» ، و على المجموع اسم «البديعيات» » [4] .
و لو عرضت البديعيات على أقوال هؤلاء العلماء و الباحثين و تعريفاتهم، لوجدت أنّ هذه التعريفات تضيق عنها تارة و تتّسع أخرى، و في كلا الحالتين يخرج عدد من البديعيات و يشذّ عنها، إذ لا يمكن أن تقتصر «البديعية» على مدح النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) دون تعرّضها لأنواع البديع، و إلاّ فإنّ جميع المدائح النبوية منذ قصيدة الأعشى تدخل في سلك «البديعيّات» ، كما فعل عمر فروخ، ثمّ لم يعد هناك ضرورة لإطلاق عبارة «فنّ جديد» على هذا النوع من الشعر.