responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 118

مشترك بين المحسّنات المعنويّة و اللفظيّة، بغضّ النظر عمّا إذا كان في أحدهما قدر أكبر من الآخر. ثمّ إن التكلّف في تقسيم المحسّنات إلى لفظية و معنويّة يلغيه الاضطراب الذي وقع فيه علماء البلاغة في تقسيم الكلام إلى بيان و بديع، فوضعوا الحدود للفرق بينهما دون أن يلتزموا بها عند التطبيق، و هذا الاضطراب مردّه إلى تداخل البيان الذي يختصّ بالمعنى بالبديع الذي يختص باللفظ، و هذا يؤكّد أن البلاغة لا تحصل إلاّ لمن استكمل العلوم الثلاثة، كما أنّه ليس بمقدور أحد أن يفصل بين المعاني و الألفاظ، و هذا ما دفع البعض إلى وضع الاستعارة و المجاز و التدبيج و الكناية و تجاهل العارف و التشبيه و ما أشبه ذلك في باب البيان حينا و باب البديع حينا آخر.

6-علم البديع و البلاغة:

كانت الألوان البديعية تأتي في الشعر القديم و النثر عفو الخاطر دون تكلّف أو إعمال للفكر، بل كانت ممّا يستدعيه المعنى استدعاء، تصدر عن الشعراء فطرة و سليقة، و قد زخرت النصوص القديمة و المخضرمة بتلك الصور دون أن يعرف أصحابها أسماءها أو أقسامها.

و جاء العصر العباسيّ بحضارة جديدة سواء على صعيد الحياة الماديّة أو العقلية و الفكريّة، فأمدّت الشعر بالخيال الخصب، و الفكر العميق، و المعنى الدقيق، و لوّنته بألوان بديعة من التشبيه و الاستعارة، و صبغته بأصباغ زاهية من الثقافة و الفلسفة، و مزجته بحكمة الهنود و أدب الفرس.

و قد تنبّه الشعراء العباسيّون منذ النصف الثاني من القرن الثالث الهجريّ إلى ما في شعر القدماء من طرائف «الصنعة» البديعيّة، فتناولوا البديع تارة مقتصدين كالبحتري و ابن المعتز، و تارة تناولوه مفرطين كأبي تمام، و هذا ما جعل الجاحظ يضيف إلى معنى الجدّة و الطرافة للبديع الاستعمال العلمي و ذلك في روايته لقول الأشهب بن رميلة (من الطويل) :

هم ساعد الدهر الذي يتّقى به # و ما خير كفّ لا تنوء بساعد

فقال: «قوله: «هم ساعد الدهر» ، إنما هو مثل، و هذا الذي تسمّيه الرواة

اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 118
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست