responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 110

يعرف و لا يعلم غرضه فيها إلاّ بعد الكدّ و الفكر و طول التأمّل‌ [1] . ثمّ وقف القاضي علي بن عبد العزيز الجرجانيّ‌ [2] و عبد القاهر الجرجانيّ‌ [3] موقفا سلبيّا من إفراط أبي تمام في بديعه، و تبعهما ابن رشيق في ذلك‌ [4] . و يرى التّنسيّ أن الجناس، و إن اعتبره أشرف أنواع البديع، كثيرا ما يصاحبه التكلّف، و لذلك تجنّبه الفحول من متقدّمي الشعراء [5] . و يتّفق في هذا الذوق الأدبيّ بعض المغاربة و المشارقة على السواء، فهم يحذّرون من الإفراط في البديع، إلاّ أنّ ابن أبي الأصبع المصريّ يرى أنّ كثرة البديع لا تشين الكلام إذا استعمل قلّة أو كثرة، فقد أورد في كتابه «بديع القرآن» آية عدد ألفاظها سبع عشرة، و استخرج منها واحدا و عشرين ضربا من البديع، و هي قوله تعالى: وَ قِيلَ يََا أَرْضُ اِبْلَعِي مََاءَكِ وَ يََا سَمََاءُ أَقْلِعِي وَ غِيضَ اَلْمََاءُ وَ قُضِيَ اَلْأَمْرُ وَ اِسْتَوَتْ عَلَى اَلْجُودِيِّ وَ قِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ اَلظََّالِمِينَ (44) [6] ، و يعقب على ذلك بأنّ في كل لفظة بديعا و بديعين‌ [7] ، معتبرا أن البديع يشمل علوم البلاغة كلّها من معان و بديع و بيان.

و ليس ابن أبي الأصبع هو وحده الذي استخرج هذه الكثرة من ضروب البديع دليلا على أن الكثرة أو القلّة ليست سببا في الحسن أو القبح، و إنما التكلّف هو الذي يهوي بمنزلة البديع العالية، فهذا النويريّ يرى أنّ الإبداع هو «أن يؤتى في البيت الواحد من الشعر أو القرينة الواحدة من النثر بعدّة ضروب من البديع بحسب عدد كلماته أو جمله، و ربّما كان في الكلمة الواحدة المفردة ضربان من البديع، و متى لم تكن كل كلمة بهذه المثابة، فليس بإبداع» [8] .

و هذا الباقلانيّ في مقارنته بين البحتري و أبي تمام يرى أن الأوّل قد أحسن في إفراطه، و الثاني كان إفراطه قبيحا [9] .

إذا، فالتكلّف أو الكثرة المتكلّفة التي يلجأ إليها صاحبها ليظهر مدى قدرته على رصف المحسّنات دون فائدة، هي التي تفسد البديع، كما تفسد البيان و المعاني


[1] الموازنة 1/135؛ و نظم الدرّ و العقيان ص 56.

[2] الوساطة ص 19.

[3] أسرار البلاغة ص 11.

[4] العمدة 1/227-228.

[5] نظم الدر و العقيان ص 56، 195.

[6] هود: 44.

[7] بديع القرآن ص 340-342.

[8] نهاية الأرب 7/175.

[9] إعجاز القرآن ص 162.

اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 110
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست