responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 108

فكلّ بديع مستلزم للمعاني و البيان لأنّهما جزءاه، و كل بيان مستلزم للمعاني لأنها جزؤه، و ليست المعاني مستلزمة للبيان و لا للبديع إذ توجد بدونهما، و ذلك في كلام طابق مقتضى الحال، و لم تعلم كيفية طرق دلالته و لا وجوه تحسينه، و لا البيان مستلزم للبديع إذ يوجد بدونه في كلام طابق مقتضى الحال و علمت كيفية طرق دلالته و لم تعلم وجوه تحسينه، و هذا يعني أن المعاني و البيان بالنسبة إلى البديع كالحيوان و النطق بالنسبة إلى الإنسان، إذ لا بديع بدونهما كما لا إنسان بدون حياة و نطق.

و المعاني بالنسبة إلى البيان كالحيوان بالنسبة إلى النطق، فتوجد المعاني بلا بيان كما يوجد الحيوان بلا نطق؛ و لا يوجد البيان بلا معان كما لا يوجد النطق بدون الإنسان‌ [1] ، الذي هو البديع. فالبديع إذا، ليس مجرد حلية، و إنما هو مرتبط بالمعنى، و فصل البيان عن البديع نوع من الافتعال.

يتّضح ممّا سبق أنّ البلاغة لا تحصل إلاّ لمن استكمل العلوم الثلاثة: المعاني و هو علم يحترز به من الخطأ في خواصّ التركيب المعنويّ، و البيان و هو علم يبحث في طرق دلالة المعاني و يحترز به عن تعقيدها، و البديع و هو علم يبحث في وجوه تحسينها [2] . و هذا يعني أنّ علم البديع، كعلمي المعاني و البيان، يعرف به التحسين الذاتيّ (المعنى) ، بالقدر الذي يعرف به التحسين العرضيّ (اللفظ) .

بالإضافة إلى ذلك فإن علم البديع يهدف إلى إظهار رونق الكلام حتى يلج الأذن بغير إذن، و يتعلّق بالقلب من غير كدّ، بل هو علم يهدف إلى اكتشاف عناصر الجمال الأدبيّ في الكلام الأدبي الرفيع، شعرا و نثرا، و سبر أعماق الإبداع و تحديد معالمه و تربية القدرة على الإحساس به، إلاّ أنّ الباقلاّنيّ يرى أن لا سبيل إلى معرفة إعجاز القرآن من البديع الذي ادّعوه في الشعر و وصفوه، و إن كانت نظرته إلى البديع شاملة، و ذلك لأنّ هذا الفنّ ليس فيه ممّا يخرق العادة و يخرج عن العرف بل يمكن استدراكه بالتعلّم و التدرّب‌ [3] . و مهما يكن، فالبديع يبقى وجها من وجوه الإعجاز، أو على أقلّ تقدير فهو باب من أبواب البراعة، و جنس من أجناس البلاغة.


[1] نظم الدر و العقيان ص 52-53.

[2] نظم الدر و العقيان ص 54.

[3] إعجاز القرآن ص 159، 162.

اسم الکتاب : خزانة الأدب و غاية الإرب المؤلف : ابن حجة الحموي    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست