و كلّ خمر حرام، لا يقال في اصطلاحهم: أنّ الخمر دليل الحرمة مع أنّه وسط في القياس، و كذا قولنا: هذا مشكوك الحرمة و كلّ مشكوك الحرمة مباح، لا يقال: إنّ الشك حجّة للإباحة مع أنّه وسط.
و من هنا يعلم أنّ إطلاق الحجّة على القطع موافق لهذا الاصطلاح الذي هو بمرأى و مسمع منّا و من الأصوليّين، و يعلم أيضا أنّ إطلاق الحجّة عليه كإطلاقه على الأمارات المعتبرة شرعا لكونهما جميعا كاشفين عن حكم العمل.
نعم، قد يطلق الدليل عندهم على ما يقابل الأصول و على ما يقابل الأمارات التي يستدل بها في الموضوعات إلّا أنّه لا يطلق الحجة على هذين المعنيين، و إن اطلق لم يفيد الخصم، و الظاهر بل المتيقّن أنّ الحجة و الدليل مترادفان عند المنطقيين.
و الحاصل أنّا نقول إنّ الدليل في اصطلاح الأصولي ما يكون واسطة في الإثبات فقط و لا يكون واسطة في الثبوت، فيخرج مثل المثالين المتقدّمين لكونهما واسطة في الثبوت أيضا.
و بعبارة أخرى: ما يثبت به المطلوب بعنوان الطريقية فقط و لذا يعبّر عن الأدلّة بالطرق إطلاقا شايعا فيشمل الأدلّة الأربعة المصطلحة، و يصحّ جعلها وسطا بتقريب يأتي عن قريب، لا أنّ كل ما يصح أن يجعل وسطا فهو دليل في هذا الاصطلاح [1]، هذا.
و الذي يقتضيه النظر الدقيق أنّ الحجّة و الدليل في اصطلاح الأصولي ليس
[1] أقول: و الظاهر أنّ الحجة مرادف للدليل بهذا الاصطلاح عندهم أيضا، و ربما يقال: إنّها أعم منه لأنّهم يطلقونها على الاستصحاب أيضا دونه، و هذا عندي ليس بواضح بل هما سواء في الإطلاق و عدمه.