الشارع عن العمل به على ما مرّ بيانه مفصّلا. و ما اخترناه من قابلية القطع لمنع الشارع ليس ببدع من القول، فقد صرّح به صاحب الفصول في قطع القطّاع في مبحث المستقلّات العقلية، و كذا كاشف الغطاء في مبحث كثير الشكّ على ما حكاه عنه المصنف في ثالث تنبيهات المسألة [1] و كذا جمهور الأخباريّين المنكرين للملازمة بين حكم العقل و الشرع بدعوى أنّ الشارع قد رخّص في ترك متابعة حكم العقل بدليل وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا[2] و إن كنّا نمنع مقالتهم هناك لمنع صحّة الأدلّة التي استدلّوا بها على المنع، إلّا أنّه أمر معقول لو ثبت بدليل يجب الأخذ به، و لعلّنا نقول بذلك في القطع الحاصل من القياس لأخبار المنع عن العمل به مطلقا، و يشهد له ما ورد [3] من ردع من قطع بالقياس على أنّ دية أربع أصابع المرأة أربعون بعيرا قياسا على دية الإصبع الواحد بعشرة و إصبعين بعشرين و ثلاثة بثلاثين حتى قال لمن أخبره بأنّ في الأربع عشرين: أنّ الذي جاء به الشيطان بقوله (عليه السلام): «إنّ السنّة إذا قيست محق الدين».
اللهمّ إلّا أن يقال: إنّ أمثال هذا الخبر في مقام الردع عن القطع و التنبيه على أنّ هذه المناسبات ليست علّة للأحكام، بل هي مبنية على حكم خفيّة يعلمها جاعلها، هذا.
و قد يستدل أيضا على عدم قابلية القطع للجعل بأنّه لو كان مجعولا لثبت بدليل لا محالة، و غاية ما يفيد ذلك الدليل هو القطع فننقل الكلام إلى هذا القطع بمجعولية القطع الأول فإنّه أيضا يحتاج إلى الجعل إذ هو مثل القطع الأول، فليس