كما يشعر بالمخالفة عبارة المصنف بقوله إلّا أنّه صرّح إلى آخره، و لا يبعد أن يريد به العقل المستقيم الذي لم يخلطه وساوس النفس و الخيالات الباطلة و الشبهات الفاسدة من أهل الأهواء و العقائد الكاسدة كما يشير إليه قوله في آخر كلامه: و هو الفطري الخالي عن شوائب الأوهام الذي هو حجة من حجج الملك العلّام، إلى آخره.
و يمكن أن يريد به العقل الكامل و الذهن المستقيم الحاصل لأصحاب السليقة المستقيمة و الأذهان الصافية و الأفكار المتينة، لا العقول المعوجة كما هي كذلك في أغلب الناس، و لعله يشير إلى هذا المعنى قوله و إن شذّ وجوده في الأنام، و إلّا فالعقل الفطري بالمعنيين الأوّلين لا يشذّ وجوده البتّة، و لا يخفى أنّه على المعنيين الأخيرين يكون مختار المحدّث البحراني تفصيلا مغايرا لمختار المحدّثين المتقدّمين.
و كيف كان، فإنّه لم يشر في كلامه هذا إلى وجه حجية العقل الفطري و عدم حجية غيره، و لعله يعتمد على ما ذكره الاسترابادي من كثرة الخطأ في الأحكام العقلية إذا لم تكن حاصلة من العقل الفطري بقرينة استحسانه لكلام السيد الجزائري المستحسن لما ذكره الأمين الاسترابادي.
و يمكن أن يكون نظره إلى الأخبار الآتية في الدليل الثاني مثل «أنّ دين اللّه لا يصاب بالعقول» [1] و أضرابه بالنسبة إلى العقل غير الفطري، و إلى مثل «العقل ما عبد به الرحمن» [2] و نحوه بالنسبة إلى العقل الفطري.
و بالجملة: فكلامه ككلام غيره من أصحابه لا يخلو من الاضطراب فيما