بل في المعتبر [1] و الذكرى [2] و غيرهما [3] نسبته إلى الأصحاب مشعرين بدعوى الإجماع عليه. و كفى به دليلًا لنحو المقام؛ إذ هو من السنن التي يتسامح فيها؛ للرجحان العقلي في فعل ما يحتمل استحبابه احتمالًا معتبراً.
مضافاً إلى ما روي عن النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم): «أنّه كان يحبّ التيامن في طهوره و تنقّله و في شأنه كلّه» [4] و إن كان الظاهر أنّها رواية عامية.
و المروي عند الخاصّة عن النبيّ (صلى الله عليه و آله و سلم): «إنّ اللّٰه يحبّ التيامن في كلّ شيء» [5]. لكن مقتضاه ثبوت الاستحباب في غير المقام، مع أنّا لم نعثر على من نصّ عليه بالنسبة إلى غسل النجاسات و نحوها.
و لا ينافيه [استحباب وضع الإناء على اليمين] ما في بعض أخبار الوضوءات البيانيّة «أنّه (عليه السلام) دعا بقعب فوضعه بين يديه» [6]؛ لصدقه على ما إذا كان عن يمينه.
و ربّما علّله بعضهم بأنّه أمكن في الاستعمال و أدخل في الموالاة، و كأنّه إشارة إلى ما ورد في الأخبار على ما قيل [7]: «إنّ اللّٰه يحبّ ما هو الأيسر و الأسهل» [8] و هو بوضعه على اليمين؛ لما ستعرفه أنّ الوضوء بالاغتراف بها [اليمين] [9].
و لعلّه لذا جعله بعضهم أدباً [10] إن قلنا بالفرق بينهما [بين المستحب و الأدب] بأن يراد بالثاني ما يستفاد مطلوبيّته و رجحانه من ممارسته مذاق الشرع و إن لم يرد به دليل بالخصوص، فتأمّل.
و لعلّه لما سمعت من التعليل خصّ جملة من الأصحاب الاستحباب بما إذا كان الوضوء من إناء يغترف منه، أمّا إذا كان [الإناء] ضيق الرأس فالمستحب وضعه على اليسار [11]؛ لأنّه أمكن في الاستعمال.
قلت: و لعلّ إطلاق كثير منهم استحباب وضعه على اليمين مبنيّ على استحباب كون إناء الوضوء ممّا يغترف منه؛ لأنّه المستفاد من الوضوءات البيانيّة [12].