و كيف كان، فهذا القول هو المشهور بين الأصحاب نقلًا [1] و تحصيلًا، بل قد يظهر من الخلاف دعوى الإجماع عليه [2].
و قيل: يصلّي بوضوء واحد صلوات إلى أن يحدث حدثاً آخر، كما عن المبسوط [3]. و مال إليه بعض متأخّري المتأخرين [4]. و هو و إن كان كلامه محتملًا لرفع ناقضيّة البول أصلًا في خصوص المقام، إلّا أنّ الأظهر كون مراده رفع 2/ 320/ 568
ناقضيّة ما يخرج منه بلا قصد و اختيار، و أمّا ما خرج منه بالقصد على حسب سائر الناس فهو ناقض، أو يريد رفع حكم هذه القطرات ما دام الداء. و تظهر الثمرة فيما لو ارتفع الداء بعد فعل الوضوء، فتأمّل.
و قيل: يصلّي الظهر و العصر بوضوء، و المغرب و العشاء بوضوء، و الصبح بوضوء، كما هو خيرة العلّامة في المنتهى [5]، و ربّما مال إليه بعض متأخّري المتأخرين أيضاً [6].
حجّة [القول] الأوّل:
1- عموم ما دلّ على ناقضية البول، و الضرورة تتقدّر بقدرها، فيقتصر على الصلاة الواحدة.
2- و ما دلّ على الأمر بالوضوء عند القيام إلى الصلاة، خرج ما خرج و بقي الباقي.
3- و لأنّه إن اقتضى تكرير الحدث إيجاب الطهارة فهو المطلوب، و إلّا فلا يقتضي في المستحاضة؛ لكونه تكريراً، و اللازم باطل، فالملزوم مثله.
و حجّة [القول] الثاني:
1- ما رواه الشيخ في التهذيب في الموثق قال: سألته عن رجل أخذه تقطير في فرجه إمّا دم أو غيره؟ قال: «فليضع خريطة و ليتوضّأ و ليصلِّ، فإنّما ذلك بلاء ابتلي به، فلا يعيدنّ إلّا من الحدث الذي يتوضّأ منه» [7]، فإنّ الظاهر أنّ المراد بالحدث الذي يتوضّأ منه ما كان خارجاً على حسب المعتاد، فلا يعتدّ بالتقطير الذي اعتراه من المرض و نحوه لا نجاسةً و لا حدثاً. و لعلّ التعليل فيها [بقوله: «فإنّما ذلك بلاء ...»] إشارة إلى ما ورد من الأخبار الكثيرة: أنّه «كلّ ما غلب اللّٰه عليه فهو أولى بالعذر» [8]. و في بعضها أنّه «ليس على صاحبه شيء» 9. و قد ورد في حقّها أنّها من الباب التي ينفتح منها ألف باب 10.
2- و ممّا سمعت تصحّ دلالتها على كون المراد منها: أن كلّ ما غلب اللّٰه من الشرط أو المانع أو الجزء أو الكلّ فاللّٰه أولى بالعذر فيه، بمعنى [أنّه] يسقط حكم المغلوب عليه و يبقى الباقي. فيكون المعنى: أنّ اللّٰه غلب عليه بهذا الإخراج من البول مثلًا فيسقط حكمه من الناقضية لهذا الوضوء و نحوه، فتأمّل.