2- و إمّا لأنّ الصلاة مشروطة بالوضوء و إن كان الشخص مرفوع الحدث؛ لقوله تعالى: (إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا)[1].
3- و إمّا لأنّ الوضوء فيها إنّما يرفع حكم الحدث بالنسبة لتلك الغاية دون غيرها كالصلاة و نحوها.
و الكلّ كما ترى: أمّا الأوّل فهو- مع منافاته لإطلاق لفظ الطهارة على كثير منها التي قد عرفت أنّها حقيقة في الرافع للحدث، و للمقطوع به على الظاهر من ملاحظة الأدلّة- يمكن تحصيل الإجماع على خلافه، كالثاني؛ لتخصيص الآية بالمحدِثين، منقولًا [2] عليه الإجماع من المفسّرين عليه، بل في المعتبرة: أنّ المراد: «إذا قمتم من النوم» [3]، و نحوهما الثالث؛ لاتّحاد حكم الحدث بالنسبة إلى جميع آثاره، إذ لم نعهد شخصاً متطهّراً من الحدث للمسجد غير متطهّر بالنسبة إلى غيره، و ذلك كلّه واضح.
و في السرائر دعوى الإجماع على جواز الدخول في الفريضة، قال فيها: «و يجوز أن يؤدّي بالطهارة المندوبة الفرض من الصلاة، بدليل الإجماع من أصحابنا» [4].
و في التذكرة: «يجوز أن يصلّي بوضوء واحد جميع الصلوات فرائضها و سننها ما لم يحدث، سواء كان الوضوء فرضاً أو نفلًا، سواء توضّأ لنافلة أو فريضة قبل الوقت أو بعده مع ارتفاع الحدث بلا خلاف، أمّا مع بقاء الحدث فقولان سيأتي تحقيقهما» [5] انتهى.
قلت: نعم، قد يقع الإشكال في مثل الوضوءات المندوبة التي لم تكن مشروعة لرفع الحدث- كوضوء التجديد، و المجامع للأكبر، و الذي هو لأحد الأسباب المتقدّمة من القيء و الرعاف و نحو ذلك- لو صادفت حدثاً، كما لو ظهر فساد الوضوء الأوّل أو عدم وجود حدث أكبر. و لعلّ الأقوى فيها جميعها ذلك أيضاً، على إشكال في الأخيرين، سيّما في أوّلهما.
و ذلك [الأقوى فيها جميعاً ذلك]:
1- لما ستعرف- إن شاء اللّٰه تعالى- من أنّ المستفاد من الأدلّة كون الوضوء من باب الأسباب، و أنّ رفع الحدث إنّما هو من الآثار المترتّبة عليه التي لا مدخلية لنيّة المكلّف فيها.
2- مع ما يستفاد من أنّ مشروعيّة التجديد إنّما هو لتلافي خلل الأوّل.
3- و قد يستدلّ عليه- مضافاً إلى ذلك- بقوله (عليه السلام): «لا ينقض الوضوء إلّا حدث» [6]، و قوله (عليه السلام): «إذا استيقنت أنّك [قد] توضّأت فإيّاك أن تحدث وضوءاً أبداً حتى تستيقن أنّك [قد] أحدثت» [7]، و نحوهما؛ لظهورهما في كون الوضوء و الحدث متعاقبين لا يمكن حصول أحدهما مع الآخر إلّا بالدليل؛ و لأنّ حصر الناقض له في الحدث، كالصريح بكونه رافعاً لما يرد عليه منه. و قد يفرّق بين التجديدي و غيره من المجامع للأكبر، بكون مشروعية الأوّل لتلافي الطهارة الاولى دون الثاني. و الأقوى ما ذكرنا، فتأمّل.