و منها: ما دل على النهي أو عدم معذورية الشخص في الاستناد الى الرأي بدعوى التمسك باطلاق الرأي للأدلة العقلية القطعية.
و التحقيق انه لا يمكن الاستدلال بواحدة من هذه الطوائف، أما الأولى و الثانية فلأن الدليل العقلي القطعي يخرج مورده عن موضوعها، و يكشف عن أنه مما انزله الله، و يكون القول به قولًا بهدى. و أما الطائفة الثالثة فلا يثبت بها مقصودهم؛ لأن الاستدلال بالدليل العقلي لا يكون استقلالًا عنهم (ع) بعد فرض الرجوع اليهم في معرفة جواز الخوض في المقدمات العقلية. و أما الطائفة الرابعة فهي اجنبية عن محل الكلام و متعرضة لعدم اثابة من لا يدين بإمامة الأئمة (ع)، و الاستدلال بالدليل العقلي لا يلازم عدم التدين بولايتهم، (عليهم السلام).
و أما الطائفة الخامسة فيرد على الاستدلال بها، مضافاً الى امكان دعوى الجزم بارادة الظن من كلمة الرأي بقرينة الاطلاع على الظروف التاريخية للمسألة، و تداول كلمة الرأي في تلك الظروف بالمعنى الاصطلاحي الذي كان عليه اصحاب القياس و الاستحسان، كما تشير اليه جملة من الروايات الواردة في الباب خصوصاً مع ما يظهر من نفس روايات الرأي من التعبير تارة بالرأي، و اخرى بالقول بلا علم، ما يؤيد كون المراد بالرأي ما يساوق بلا علم.
أقول: مضافاً الى ذلك لو سلم وقوع اطلاق في الكلمة فهو معارض بطائفتين من الاخبار: احداهما: الطائفة الدالة على حجية العقل، و الأخرى: الطائفة الدالة على معذرية العلم و جواز القول بعلم.
أما الطائفة الاولى فقد يجمع بينها و بين اخبار الرأي بأحد وجوه:
الأول: ان يقال بتعارضهما على نحو التساوي بجعل العقل و الرأي بمعنى واحد للقطعي و الظني، و يلتزم بانقلاب النسبة بينهما بعد اخراج الظن من مطلقات حجية العقل بالأدلة الخاصة الواردة في خصوص الظنون القياسية، و الاستحسانية،