و ثالثاً: أنّ غاية ما تقتضيه مقالته هي عدم أخذ الذات في المشتقّ، لا امتناع جعل المشتقّ معرّفاً، مع أنّ المحذور الذي يلزم عليه يكون أشدّ من تركّب المشتقّ.
و ذلك لأنّ الناطق- مثلًا- مشتقّ، و له مبدأ- و هو الحدث أو ما بحكمه- فلو جعل معرّفاً لماهية جوهرية بما لها من المعنى يلزم أن يكون المعنى الحدثي من الجواهر، و ذلك لا يعقل.
و بالجملة: لو كان المشتقّ عبارة عن الحدث اللابشرط- و قد يظهر منه دخول الانتساب فيه- فالمحذور العقلي الذي توهّمه على تقدير أخذ الذات في المشتقّ يلزمه بنحو أشدّ؛ لأنّ المبدأ اللابشرط من الأحداث، فلازم جعله معرّفاً لماهية جوهرية هو كون الجوهر حدثاً، و كون المعنى الحدثي من مقولة الجوهر، و كلاهما غير معقولين.
و الذي يسهّل الخطب: عدم لزوم محذور عقلي و انقلاب واقعي لو اخذت الذات في المشتقّ، بل غاية ما هناك هي كونها خلاف التبادر.
بل يمكن أن يقال- مع الغضّ عمّا ذكرنا- إنّ ما ذهبنا إليه- من كون المتبادر من المشتقّ المعنى المبهم القابل للانحلال- أولى من كونه الحدث اللابشرط؛ لأنّ الحدّ ينبغي أن يكون تامّاً، و ذلك إنّما يكون إذا عرفت الهيئة على ما هي عليه في نفس الأمر. فإن تخلّف المعرّف- بالكسر- عن إراءة الواقع في حيثية من الحيثيات، و عدم معرّفية الماهية- بالفتح- على ما هي عليها في الواقع، يكون حدّاً ناقصاً، هذا.
و قد ثبت في محلّه: أنّ تركّب الجنس و الفصل اتّحادي لا انضمامي؛ لأنّ الهيولى الاولى- كما أشرنا آنفاً- إذا انسلكت و توجّهت إلى كمالاتها تتوارد عليها صور طولية- من الصور العنصرية و الجمادية و النباتية و الإنسانية- تكون في كلّ مرتبة عين صورتها، لا أنّها شيءٌ انضمّ إليها الصورة.
و بعبارة أوضح: تتبدّل القوّة إلى الفعلية، لا أنّها قوّة انضمّت إليها الفعلية.