و نسبته يكونان مدلولين للفظ المشتقّ. و أمّا دلالته على الذات المنتسب إليها الحدث فبالملازمة العقلية. و احتجّ لمقاله بأمرين:
الأوّل: أنّ المتبادر من لفظ المشتقّ هو المبدأ المتّحد مع الذات.
و الثاني: أنّ المشتقّ له مادّة و هيئة، و كلّ منهما موضوع للدلالة على معنىً غير ما للآخر. و المادّة تدلّ على المبدأ، و الهيئة تدلّ على انتساب مدلول المادّة إلى ذاتٍ ما.
ثمّ أورد على نفسه: بأنّه يمكن أن يقال: إنّ الهيئة دالّة على الذات المنتسب إليها المبدأ.
فأجاب: بأنّ ما ثبت بالاستقراء و الفحص في اللغة العربية أنّ الهيئات التي تدلّ على معنىً ما دائماً يكون مدلولها شيئاً من النسب التي تلحق المعاني الاسمية، و هذا الاستقراء يوجب القطع بكون هيئة المشتقّ لم تشذّ عن طريقة أمثالها بالوضع للدلالة على معنىً اسمي مستقلّ، فلم يبق في البين ما يدلّ على الذات.
و نتيجة جميع ذلك: هو أنّ المشتقّ يدلّ على المبدأ المنتسب إلى ذاتٍ ما بالمطابقة، و على الذات بالاستلزام العقلي، انتهى [1]
. أقول: لا يخفى أنّ مراده (قدس سره) بقوله: «إنّ الهيئة دالّة على انتساب مدلول المادّة إلى ذاتٍ ما» هو الحدث المنتسب، ففي العبارة قصور، فتدبّر.
و كيف كان: يرد على ما أفاده:
أوّلًا: أنّ ما ذكره أوّلًا غير مطابق لمدّعاه؛ لأنّ مدّعاه: هو أنّ المشتقّ دالّ على الحدث المنتسب؛ بحيث تكون النسبة و الحدث مدلولي اللفظ، و أمّا الذات فمدلول عليها بالعقل. و ما ادّعاه هو تبادر المبدأ المتّحد مع الذات من لفظ المشتقّ، و واضح:
أنّ اتّحاد المبدأ مع الذات غير انتساب المبدأ اليها، كما لا يخفى.