الانتساب و الإضافة إلى الفاعل، و لا تحكيان عن نفس الحدث و لا عن الفاعل، بل لا عن مفهوم الصدور و اللحوق، و إنّما تحكيان عن شيء واحد، لا بنحو حكاية لفظ الجامد و دلالته على معناه، بل عن معنىً واحد منحلّ إلى كثيرين؛ فإنّه بنفس هيئتهما يفهم السبق أو اللحوق و الانتساب إلى الفاعل.
مثلًا: من تكلّم بكلام فهناك شيء واحد- و هو صدور الكلام- و لكنّه ينحلّ إلى أصل الصدور و الانتساب إلى الفاعل. و هيئة الماضي تحكي عن ذلك المعنى الواحد الكذائي، فلفظة «تَكلّمَ» تحكي عن الواقع على ما هو عليه؛ و هو معنىً حرفي. و كذا هيئة المضارع تحكي عن لحوق الصدور على ما هو عليه.
و الحاصل: أنّ هيئتي الماضي و المضارع وضعتا لحصّة من الوجود المنحلّ إلى تلك الامور.
فلم يؤخذ الزمان الماضي و المضارع بمعناهما الاسمي في موضوع له هيئة الماضي أو المضارع، بل و لم يؤخذ فيهما السبق و اللحوق بمعناهما الاسمي.
نعم، تلك الامور من لوازم مدلول الماضي و المضارع؛ لأنّ حكاية وقوع الشيء على ما هو عليه يستلزم الزمان و السبق طبعاً، كما أنّ حكاية لحوق الشيء على ما هو عليه يستلزم الزمان و اللحوق قهراً.
فتحصّل: أنّه لا إشكال و لا كلام في استفادة الزمان و السبق و اللحوق من هيئتي الماضي و المضارع، و إنّما الكلام و الادّعاء في أنّ المتبادر منهما ليست تلك المعاني على نعت الكثرة بالمعنى الاسمي، بل المتبادر منهما إنّما هو أمر وحداني؛ و هو حقيقة هذه المعاني بالحمل الشائع، و استفادة تلك المعاني بلحاظ التحليل العقلي، و هو أوسع من متن الواقع، فتدبّر.