و أمّا إشكاله (قدس سره) في حرمة المرضعة الثانية: فلعدم ثبوت الإجماع فيها، و استشكاله في النص الوارد فيها؛ لعدم خلوّه عن الإرسال [1]، و ضعف السند [2] المصرّح بحرمة المرضعة الاولى، دون الثانية [3]؛ و لذا لم يعتني به العلّامة و ابن إدريس 0، و أفتيا بخلافه. فلم تكن المسألة عند فخر المحقّقين (قدس سره) إجماعية، و لا منصوصة؛ و لذا تصدّى لتحليل هذه المسألة من طريق المشتقّ، فتدبّر.
فظهر و تحقّق: أنّه لم يرد فخر المحقّقين (قدس سره) تصحيح حكم المرضعة الاولى على مسألة المشتقّ أصلًا، بل بالإجماع و النصّ. و لم يظهر منه (قدس سره) خروجها عن بحث المشتقّ لو لا النصّ و الإجماع.
فإشكال المحقّق الأصفهاني (قدس سره) بتسليم حرمة المرضعة الاولى و الخلاف في الثانية غير وجيه، كما أنّ دعواه وحدة الملاك غير مسموعة.
كما أنّ ما أفاده المحقّق العراقي (قدس سره) في توجيه التفرقة بينهما غير سديد؛ لعدم
[1]- قلت: لقول ابن مهزيار «قيل له»؛ أي لأبي جعفر (عليه السلام) و لم يعلم القائل به، الظاهر: أنّ المراد بالإرسال هو هذا، لا ما وقع في تعليقة مناهج الوصول 1: 195، فلاحظ. [المقرّر حفظه اللَّه].
[2]- لوقوع صالح بن أبي حمّاد في السند، و أمره- كما عن النجاشي- مُلبّس يعرف و ينكر. رجال النجاشي: 198/ 526.
[3]- قلت: و إليك نصّ الخبر: عن علي بن مهزيار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قيل له: إنّ رجلًا تزوّج بجارية صغيرة؛ فأرضعتها امرأته، ثمّ أرضعتها امرأة له اخرى. فقال ابن شبرمة: حرمت عليه الجارية و امرأتاه.
فقال أبو جعفر (عليه السلام): «أخطأ ابن شبرمة، تحرم عليه الجارية و امرأته التي أرضعتها أوّلًا، فأمّا الأخيرة فلم تحرم عليه، كأنّها أرضعت ابنته» (أ). [المقرّر حفظه اللَّه].
-
أ- الكافي 5: 446/ 13، وسائل الشيعة 14: 305، كتاب النكاح، أبواب ما يحرم بالرضاع، الباب 14، الحديث 1.