الجهة الخامسة في أصالة النفسية و العينية و التعيينية [1]
لا إشكال و لا خلاف في أنّه إذا ورد أمر مطلق، و تردّد أمره بين كونه واجباً نفسياً أو غيرياً، أو بين كونه واجباً تعيينياً أو تخييرياً، أو بين كونه عينياً أو كفائياً، يحمل على النفسي التعييني العيني. و لكن وقع الكلام في وجه ذلك:
فذهب المحقّق الخراساني (قدس سره) إلى أنّ ذلك بمقتضى إطلاق الصيغة، بتقريب: أنّ المولى بعد ما كان في مقام البيان، و لم ينصب قرينة على الغيرية و مماثلاتها التي تقيّد الوجوب و تضيّق دائرته فمقتضى الحكمة كونه واجباً؛ سواء وجب هناك شيء آخر أم لا، فيثبت كون الواجب نفسياً، و سواء أتى بشيء آخر أم لا، فيثبت كون الواجب تعيينياً، و سواء أتى به آخر أم لا فيثبت كون الواجب عينياً [2]
. و فيه أوّلًا: أنّ الظاهر من كلامه (قدس سره) هو أنّ مراده بالإطلاق هو الإطلاق المبحوث عنه في المطلق و المقيّد في ناحية متعلّق التكليف أو موضوعه.
فكما يقال هناك في إطلاق متعلّق التكليف أو موضوعه: إنّ الآمر الملتفت المختار الكائن في مقام البيان إذا أخذ أمراً غير مقيّد بقيد متعلّقاً لتكليف، أو موضوعاً لحكم فمقتضى حكم العقل هو كون نفس الطبيعة من دون قيد و شرط تمام المتعلّق للتكليف، أو تمام الموضوع للحكم.
فنقول فيما نحن فيه: إنّ مقتضى جريان مقدّمات الحكمة- بعد قوله (قدس سره) بعدم الفرق بين معنى الحروف و الأسماء [3]؛ فكما أنّ للأسماء جامعاً فكذلك للحروف،
[1]- تاريخ شروع البحث يوم الأربعاء 12 ربيع الأوّل 1379 ه. ق.