و أمّا إذا كان المأمور به عنواناً معلوماً صادقاً بحسب الوجود على هذا الفرد بعنوانه و على ذاك كذلك فلا يكون هناك إبهام؛ لا في المفهوم و لا في المصداق. و لكن احتمل دخالة أمر آخر فيه لم يؤخذ في العنوان بلحاظ عدم إمكان أخذه فيه؛ فليس من دوران الأمر بين المتباينين، كما لا يخفى.
فإذا قيل: «صلّ» مثلًا فالذي تعلّق به الأمر ماهية الصلاة، و هذا العنوان صادق على كلّ مصداق من الصلاة مجرّدة عن قصد الأمر، و على المصداق منها مع قصد الأمر. و لا يكون لقصد الأمر دخالة في الصدق أصلًا.
ففي المقام و إن كان المأتي به بقصد الأمر و المأتي به بدون ذلك مختلفان وجوداً، و لكن صدق العنوان على كلّ منهما- كفَرَسَي رِهان- ممّا لا إشكال فيه؛ لقضاء الضرورة على أنّ صدق عنوان الصلاة- مثلًا- على المجرّدة عن قصد الأمر، كصدقها على المقيّدة به و لزوم الصلاة مع قصد الأمر أوّل الكلام، فتدبّر.
ذكر و تعقيب
للمحقّق العراقي (قدس سره) هنا كلام، لعلّ منشأه- كما أشرنا- توهّم كون المقام من باب المتباينين.
و ذلك لأنّه (قدس سره) تصدّى أوّلًا لدفع شبهة لزوم الاحتياط: بأنّ العقل لو كان في حكمه ناظراً إلى تحصيل غرض المولى في نفس الأمر لكان له وجه.
و لكن لم يكن له شأن بالنسبة إليه، بل الذي يراه هو التخلّص عن استحقاق العقاب على مخالفة التكليف، و استحقاق العقاب إنّما هو إذا قامت الحجّة عليه عند المكلّف.
فالتكليف الذي لم تتمّ الحجّة عليه عند المكلّف لا يستحقّ العقاب بمخالفته، و لا شبهة في كون التكليف التي قامت الحجّة عليه عند المكلّف هو التكليف بالأقلّ أو