ثمّ إنّ شيخنا العلّامة الحائري (قدس سره) بعد أن قوّى كون صيغة الأمر حقيقة في الوجوب و الندب بالاشتراك المعنوي ذهب إلى أنّه عند إطلاق الصيغة تحمل على الوجوب.
و قال: لعلّ السرّ في ذلك: أنّ الإرادة المتوجّهة إلى الفعل تقتضي وجوده ليس إلّا، و الندب إنّما يأتي من قبل الإذن في الترك منضمّاً إلى الإرادة المذكورة فاحتاج الندب إلى قيد زائد. بخلاف الوجوب فإنّه يكفي فيه تحقّق الإرادة و عدم انضمام الرخصة في الترك إليها.
ثمّ قال: إنّ الحمل على الوجوب عند الإطلاق غير محتاج إلى مقدّمات الحكمة، بل تحمل عليه عند تجرّد القضية اللفظية من القيد المذكور؛ فإنّ العرف و العقلاء أقوى شاهدٍ بعدم صحّة اعتذار العبد عن المخالفة باحتمال الندب و عدم كون الآمر في مقام بيان القيد الدالّ على الرخصة في الترك.
و هذا نظير القضايا المسوّرة بلفظ الكلّ و أمثاله؛ لأنّها موضوعة لبيان عموم أفراد مدخولها؛ سواء كان مطلقاً أو مقيّداً [1]
. و فيه: أنّه قد أشرنا أنّ لازم القول بالاشتراك المعنوي هو كون الوضع و الموضوع له عامّين، و قد عرفت: أنّ مفاد الهيئة ليس إلّا البعث و الإغراء، نظير إشارة الأخرس. فالموضوع له لا بدّ و أن يكون خاصّاً لو لم يكن الوضع أيضاً خاصّاً.
ثمّ إنّ مراده (قدس سره) بالإرادة المتوجّهة إلى الفعل الإرادة الواقعية؛ لأنّه كان ينكر الإرادة الاعتبارية و الإنشائية. فإذن نسأل من سماحته: هل واقع الإرادة الوجوبية عين الإرادة الندبية، أو غيرها؟