نعم، كيفية التعنون إنّما يستفاد عند التحليل و التجزئة العقلية، و ذلك غير مضرّ ببساطة المشتقّ.
أ لا ترى أنّه يُعرف الكيف الموجود في الخارج الذي يكون بسيطاً- كالبياض مثلًا- بكثرات لا تكون داخلة في ذاته؛ فيقال بأنّه لون مفرّق للبصر؟! بداهة أنّ اللونية التي تكون بمنزلة الجنس مأخوذة في تعريف البياض، و مع ذلك لا تكون موجودة في الخارج، و لا تحكي اللونية عن غير المفرّقية للبصر.
بل هو كذلك في المركّبات التحليلية أيضاً؛ لأنّ الهيولى و الصورة موجودتان بوجود واحد، و لا تحكي الجوهر المأخوذ في تعريف شيء عن حقيقة نفس الأمرية غير الجسمية و النباتية و الحيوانية و الناطقية؛ لأنّ المادّة بحركتها الجوهرية تكون عين الصورة التي تكون في مرتبتها و متّحدة بها.
فالتعبير عن الجوهرية مع عدم وجودها منحازاً في الخارج لأجل الحكاية عن تدرّج الوجود.
و كيف كان: لم يكن مفهوم المشتقّ معنىً مركّباً. و ما قلنا إنّه موجودان بوجود واحد إنّما هو في مقام التحليل و التجزئة. بل غاية ما يدلّ عليه لفظ المشتقّ هو تعنون الذات بالعنوان، و أمّا كيفية التعنون فلا.
و انسباق كون العنوان زائداً على ذاته من لفظ المشتقّ إنّما هو بلحاظ كثرة وجود هذا القسم في الخارج و غلبة استعماله فيه.
و لعلّه لأُنس الذهن و قصور فهمهم عن إدراك الحقائق قال اللَّه تعالى: «أَ فَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ...» الآية [1]
. و لذا ورد النهي عن الخوض في تلك الامور؛ لأنّ تنزيه عامّة الناس لذاته المقدّسة نظير تنزيه النملة؛ حيث يرى أنّ لربّها زبانيتين؛ لأنّهما كمال له، كما في