و لا يخفى أنّ ملاك الحسن في الإخبار في القضيّة الاولى: هو أن يكون المقام مقام تعلّق الرؤية بالرجل الرامي؛ بأن يفيد فائدة الخبر أو لازمها.
و أمّا ملاك الحسن في القضيّة الثانية فيحتاج إلى امور ثلاثة:
الأوّل: أن يكون المقام مقام الإخبار بتعلّق الرؤية به.
و الثاني: حسن ادّعاء كونه أسداً؛ بأن كان بالغاً أعلى درجات الشجاعة مثلًا.
و الثالث: كون المقام مقام إظهار الشجاعة؛ بأن كان المقصود تحريكه إلى الجهاد، فيقال له: «يا أسد الهيجاء فرّق بين الأعداء»، و أمّا إذا كان في مقام دعوته إلى الأكل- مثلًا- بأن يقال له: «يا أسد تفضّل لتناول الطعام» فلا حسن فيه.
و بالجملة: أنّ الإخبار في قولك: «رأيت رجلًا يرمي»- مثلًا- يحتاج إلى مُحسِّن واحد، و هو كون المقام مقام الإخبار بوقوع الرؤية على الرجل، و أمّا في الإخبار بقولك: «رأيت أسداً يرمي» فيحتاج إلى ثلاثة امور:
1- من كون المقام مقام الإخبار بتعلّق الرؤية به.
2- و من حُسْن ادّعاء كونه أسداً؛ بأن كان بالغاً أعلى درجات الشجاعة.
3- و من كون المقام مقام إظهار شجاعته.
فإذا تمهّد لك ما ذكرنا فنقول: إنّ جعل عدم الاطّراد علامة للمجاز ليس بلحاظ نوع العلاقة، بل بلحاظ صنفها، و هي الموارد التي يوجد فيها بين الموضوع له و المراد الجدّي كمال المناسبة؛ بحيث تكون العلاقة من أظهر خواصّ الموضوع له، و لا يطّرد الاستعمال المجازي بصِرف تحقّق صنف العلاقة، بل يتوقّف- مضافاً إلى تحقّق صنف العلاقة- على كون المقام مقام إظهار شجاعته، و ذلك يختلف بحسب الموارد.