اسم الکتاب : جامع الشتات المؤلف : الشيخ الخواجوئي الجزء : 1 صفحة : 88
لو أنّ السماوات و عامريهنّ و الأرضين السبع في كفّةٍ و لا إله إلّا اللّٰه في كفّة، مالت بهنّ لا إلٰه إلّا اللّٰه» [1]. أقول: المراد بعامريهنّ ساكنوهنّ الذين يعمرونهنّ بالعبادات و الطاعات و ألوان التسبيحات و التقديسات، فإنّهم يسبّحون الليل و النهار لا يفترون، فشبّه ذلك بالعمران من البلاد؛ لأنّ من شأنها أن تكون فيها أنواع النعم و ما يحتاج إليه الأُمم. و فيه تنبيه على كون الأفلاك و ساكنيهنّ من الملائكة أجساماً ثقالًا ذوات مقادير؛ إذ المقام يقتضي ذكر ماله ثقل و مقدار، فدلّ علىٰ بطلان القول بأنّ الفلك لا ثقل له كما هو المشهور بين الجمهور من الحكماء، بل أكثر المتكلّمين أنّها غير موصوفة بالثقل و إلّا لزم قبولها الحركة المستقيمة، و يدلّ عليه أيضاً ظاهر قوله تعالىٰ: «الَّذِي رَفَعَ السَّمٰاوٰاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهٰا»[2]. و في ترك عامري الأرض تنبيه على قلّتهم بالنسبة إلىٰ عامري السماوات فكأنّهم ليسوا في جنبهم بشيء له مقدار و ثقل، أو حذف اكتفاءً، أو هو من قبيل ذكر الشيء بأكثر أجزائه. و المراد: أنّ ثواب لا إلٰه إلّا اللّٰه يثقل الميزان و يرجّح كفّة الحسنات حتّى لو كانت في كفّة السيّئات أثقال الأرضين و السماوات و ما فيهما لمال بهنّ، و الكلام: إمّا محمول على تجسّم الأعمال كما ذهب إليه كثير من أهل الإسلام، و يؤيّده ظاهر كثير من الآيات و الروايات، منها رواية قيس بن عاصم و أبياته المشهورة التي منها
تخيّر خليطاً من فعالك إنّما * * * قرين الفتى في القبر ما كان يفعلُ
و لا بُعد فيه، فإنّ صورة العلم في اليقظة أمر عرضيّ، ثمّ إنّه تظهر في النوم بصورة اللبن، فالظاهر في الصورتين حقيقة واحدة ظهرت في كلّ ظرف بصورة