اسم الکتاب : جامع الشتات المؤلف : الشيخ الخواجوئي الجزء : 1 صفحة : 154
«بَلْ هُوَ آيٰاتٌ بَيِّنٰاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ»[1] و لذا جاء في صفة هذه الأُمّة: «صدورهم أناجيلهم» بخلاف سائر الكتب السماويّة فإنّها ما كانت تقرأ إلّا من المصاحف كما ذكره صاحب الكشّاف [2] لا يقدر أحد على تحريفه و تغييره، فكأنّه تعالى لمّا جعله محفوظاً في الصدور جعله على وجه لا يغرقه الماء و لا تحرقه النار. و في نهاية ابن الأثير: فيه أنّه قال فيما حكى عن ربّه: «و أنزل عليك كتاباً لا يغسله الماء، تقرأه نائماً و يقظان» أراد أنّه لا يُمحى أبداً بل هو محفوظ في صدور الذين أُوتوا العلم، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و كانت الكتب المنزلة لا تُجمع حفظاً و إنّما يعتمد في حفظها على الصحف، بخلاف القرآن فإنّ حفّاظه أضعاف مضاعفة لصحفه. و قوله «تقرأه نائماً و يقظان» أي: تجمعه في حالة النوم و اليقظة، و قيل: أراد تقرأه في يسر و سهولة [3]، انتهى.
و في حديث عقبة بن عامر، لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار [4]. قال أبو عبيد: أراد بالإهاب قلب المؤمن و جوفه الذي قد وعى القرآن. فيكون المعنى: من علّمه اللّٰه القرآن لم تحرقه نار الآخرة، فجعل جسم حافظ القرآن كالإهاب [5].
و قال ابن الأنباري: معناه أنّ النار لا تبطله، و لا تقلعه من الإسماع التي وعته و الأفهام التي حصلته، كقوله في الحديث الآخر: «و أنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء» أي: لا يبطله و لا يقلعه من الأوعية الطيّبة و مواضعه؛ لأنّه و إن غسله الماء في الظاهر لا يغسله بالقلع من القلوب. و عند الطبراني من حديث عصمة بن مالك: لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقته النار [6].
و عنده من حديث سهل بن سعد: لو كان القرآن في إهاب ما مسّته النار [7].