اسم الکتاب : جامع الشتات المؤلف : الشيخ الخواجوئي الجزء : 1 صفحة : 153
عن القرآن تحريف المحرفين على وجه لا يشوبه شائبة تغيير و لا تبديل، و لا زيادة و لا نقصان بوجه من الوجوه و بطريق من الطرق، كما يصرّح به التشبيه المذكور. و يدلّ عليه أيضاً ما في خبر آخر: «يحمل هذا العلم من كلّ خلف عدول ينفون عنه تحريف الغالين، و انتحال المبطلين، و تأويل الجاهلين» [1] و حمل «العدول» على الأئمّة (عليهم السلام) يدفعه «في كلّ قرن» لأنّه لا يكون فيه إلّا واحد منهم و هو عدل لا عدول. و الدين يشمل القرآن، بل هو مبنىٰ أُصول الديانات و فروعها، و منه يستنبط مسموعها و معقولها، يدل عليه أيضاً قوله تعالى: «أنزلت عليك كتاباً لا يغرقه الماء و لا تحرقه النار» إذ ليس المراد به ظاهره، فإنّا نرىٰ عياناً أنّ القرآن يغرقه الماء و تحرقه النار،
روي عن الصادق (عليه السلام) أنّه «قال: وقع مصحف في البحر فوجدوه و قد ذهب ما فيه إلّا هذه الآيات «أَلٰا إِلَى اللّٰهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ»[2]
بل المراد به أنّ شياطين الانس و الجنّ اللذين هما كالماء و النار في إزالة أحكام اللّٰه و آياته لا يقدرون على تحريفه حروفاً و إن كانوا يحرّفونه حدوداً، كما دلّ عليه ما في روضة الكافي في رسالة أبي جعفر (عليه السلام) إلى سعد الخير: «و كان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه و حرّفوا حدوده» [3].
أو المراد أنّه كلوء عن التغيير، محفوظ عن الزوال على وجه لو فرض إلقاؤه على الماء و النار لا يؤثّران فيه؛ لحفظه تعالى إيّاه كما أخبر عنه بقوله «نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنّٰا لَهُ لَحٰافِظُونَ»[4] فيكون كناية عن صونه من جميع أنحاء شوائب التغيير و الزوال. أو أنّه لما كان محفوظاً في الصدور يتلوه أكثر الأُمّة ظاهراً كما قال اللّٰه تعالى: