اسم الکتاب : جامع الشتات المؤلف : الشيخ الخواجوئي الجزء : 1 صفحة : 151
يا عبد اللّٰه لقد سمعت بك و أحببت لقاءك، فلقيتك و لكني رأيت منك ما شغل قلبي، و إنّي سائلك عنه ليزول به شغل قلبي، قال: ما هو؟ قلت: رأيتك مررت بخبّاز و سرقت منه رغيفين، ثمّ مررت بصاحب الرمّان و سرقت منه رمانتين، فقال لي: قبل كلّ شيء حدّثني مَن أنت؟ قلت: رجل من ولد آدم من امّة محمَّد (صلى الله عليه و آله)، قال: حدّثني مَن أنت؟ قلت: رجل من أهل بيت رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله)، قال: أين بلدك؟ قلت: المدينة، قال: لعلّك جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب؟ قلت: بلى، قال لي: فما ينفعك شرف أصلك مع جهلك بما شرفت به، و تركك علم جدّك و أبيك، أ تنكر ما يجب أن يحمد و يمدح عليه فاعله؟ قلت: و ما هو؟ قال: القرآن كتاب اللّٰه، قلت: و ما الذي جهلت منه؟ قال: قول اللّٰه تعالى: «مَنْ جٰاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثٰالِهٰا وَ مَنْ جٰاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلٰا يُجْزىٰ إِلّٰا مِثْلَهٰا»[1]و إنّي لمّا سرقت الرغيفين كانت سيّئتين، و لمّا سرقت الرمّانتين كانت سيّئتين، فهذه أربع سيّئات، فلمّا تصدّقت بكلّ واحد منهما كان لي بها أربعين حسنة، فانتقص من أربعين حسنة أربع بالأربع سيّئات، بقي لي ستّ و ثلاثون حسنة، قلت: ثكلتك أُمّك أنت الجاهل بكتاب اللّٰه، أما سمعت اللّٰه يقول «إِنَّمٰا يَتَقَبَّلُ اللّٰهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ»[2]إنّك لمّا سرقت الرغيفين كانت سيّئتين، و لمّا سرقت الرمّانتين كانت أيضاً سيّئتين، و لمّا دفعتهما إلى غير صاحبهما بغير أمره[3]كنت إنّما أضفت أربع سيّئات إلى أربع سيّئات و لم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيّئات، فجعل يلاحظني، فانصرفت و تركته.
ثمّ قال (عليه السلام):
بمثل هذا التأويل القبيح المستكره يَضلّون و يُضلّون، و هذا نحو تأويل معاوية لمّا قُتل عمّار بن ياسر، فارتعدت فرائص خلق كثير، و قالوا: قال رسول اللّٰه (صلى الله عليه و آله): عمّار تقتله الفئة الباغية، فدخل عمرو على معاوية و قال: يا أمير المؤمنين قد هاج الناس و اضطربوا، قال: لماذا؟ قال: قُتل عمّار، فقال معاوية: