اسم الکتاب : ثوره الموطئين للمهدي في ضوء أحاديث أهل السنة المؤلف : الفتلاوي، مهدي حمد الجزء : 1 صفحة : 84
و على أي حال فالسبب في إيراد لفظ الجمع و ارادة الفرد في الآية هو لتعظيم الراكع، و تضخيم المتصدق لإعلاء شأنه و الالفات الى خطير منزلته في الامة، و مكانته عند اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلم الا ترى ان اللّه تعالى منحه منزلة الولاية السياسية و الرئاسة الإلهية التي منحها لمنصب النبوة.
أما قوله: بأنّ الصدقة لا تسمى زكاة، فواه جدا لأن معنى الزكاة في اللغة أعم من معناها الشرعي، لدلالته على مطلق الانفاق، قال تعالى في وصف اسماعيل: وَ كََانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاََةِ وَ اَلزَّكََاةِ وَ كََانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا[1] ، مع أنه لم تكن في الاديان السابقة الزكاة المالية المفروضة في الإسلام، و قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكََّى `وَ ذَكَرَ اِسْمَ رَبِّهِ فَصَلََّى[2] . و قال ايضا: وَ اَلَّذِينَ هُمْ لِلزَّكََاةِ فََاعِلُونَ[3] ، و قد نزلت هاتان الآيتان في مكة باجماع المفسرين، و لم تكن يومئذ فريضة الزكاة مقررة في الشريعة فالمراد منها في الآيتين مطلق الانفاق، و هو المعنى المفهوم من صدقة الخاتم و لهذا ذهب ابو السعود و البيضاوي فقالا: و فيه دلالة على أن صدقة التطوع تسمى زكاة.
و أما حمل الركوع في الآية على الخضوع المعنوي، فلا يصح لأنه لغة يعني: الانحناء، و هو مستعمل في صورتين، في الهيئة الصلاتية المخصوصة، و في التواضع و التذلل، كما يفعل البعض لملوكهم، و لم يستعمل في الخضوع و التذلل المعنوي، الاّ على نحو المجاز، و متى ثبت استعمال اللفظ في معناه الحقيقي في الخطاب لا يجوز حمله على المعنى المجازي.