اسم الکتاب : ثوره الموطئين للمهدي في ضوء أحاديث أهل السنة المؤلف : الفتلاوي، مهدي حمد الجزء : 1 صفحة : 159
على الأنصار كافة، و فضل العرب على العجم، و فضل الصريح على الموالي، و فضل مضر على ربيعة، ففرض لمضر ثلاثمائة، و لربيعة مائتين، و فضل الأوس على الخزرج مع أن القبيلتين من الأنصار [1] .
و قد ادرك عمر خطأ هذا النهج الطبقي في العطاء، و لمس آثاره السلبية في المجتمع الاسلامي، و اعترف في آخر حياته بوجوب الرجوع للسيرة النبوية العادلة، لكنه قتل قبل ذلك [2] ، و سار عثمان الأموي على النهج العمري في العطاء، و زاد عليه انحرافا آخر فمنح اقرباءه امتيازات مالية خاصة، و قدمهم على الصحابة و التابعين و على جميع المسلمين، و حينما عاب عليه بعض كبار الصحابة ذلك اجابهم قائلا: لنأخذن حاجتنا من هذا الفيء، و إن رغمت أنوف أقوام [3] .
و أول من تضرر من هذه السياسة المالية الطبقية في المجتمع الاسلامي، هم الفرس و الموالي عامة، لأنها لم تضعهم في اسفل الطبقات الاجتماعية في الدولة الاسلامية فحسب؛ و إنما حرمتهم نهائيا من العطاء-في ظل الحكم الاموي-إلاّ الجند منهم فكان عطاؤهم على قدر قوت يومهم.
و قد عانى المسلمون من غير العرب ضغوطات نفسية و اجتماعية و اقتصادية مؤلمة، و هم يشاهدون ثرواتهم تجبى من بلادهم الغنية و ترسل الى صحراء الجزيرة العربية القاحلة المجدبة، و مع ذلك لا يساوى بين أبنائهم و بين المسلم العربي في المعاملة و العطاء داخل الامصار الاسلامية العربية، و لو لا
[1] ابن ابي الحديد، ج 8، ص 111، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 106، فتوح البلدان، ص 437، نقلا عن ثورة الحسين لشمس الدين، ص 28.
[2] تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 107، ابن ابي الحديد، ج 2، ص 131، نقلا عن المصدر السابق.