نحو الادعاء. و مثال ذلك قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا أشباه الرجال و لا رجال» [1]. فهنا الإمام (عليه السلام) ينفي عنوان الرجال و حقيقة الرجال. و لكن هذا النفي لا على نحو الحقيقة، بل على نحو الادّعاء. أي أنّه إذا وجد هناك رجال، و لكن لم يلمس فيهم خصال الرجال، من قبيل الحميّة و الغيرة و الشهامة و الشجاعة، حينئذٍ يمكن أن يقال على نحو الادّعاء «لا رجال» لا على نحو الحقيقة. يقول المرحوم الآخوند (قدس سره):
إنّ عبارة «لا ضرر في الإسلام» هي من قبيل قول الإمام (عليه السلام) «لا رجال» فالإسلام يريد أن يبيّن هذه الحقيقة، و هي أنّ الآثار و الصفات المترتّبة في الموارد الضرريّة «هنا يقع المرحوم في مغالطة و لسنا هنا بصدد بيان هذه المغالطة» من قبيل الوضوء الضرري و الغسل الضرري تنتفي، و حينئذٍ لا يبقى هناك وضوء و لا غسل. أي أنّ الوضوء إذا خرج عن كونه حكماً و انتفت منه صفة المقدّمية للواجب لا يعدّ وضوءاً. و بعبارة اخرى: الوضوء مع احتمال الضرر ليس بوضوء. لانعدام آثار الوضوء من قبيل الوجوب و المقدميّة للصّلاة. و نلاحظ على المرحوم المحقق الآخوند (قدس سره) بالإضافة إلى مغالطته، أنّه يرى أنّ الآثار و الصفات المترتّبة على الموارد الضرريّة تنتفي بقاعدة لا ضرر. فوجوب الوضوء مثلًا، إذا كان ضرريّاً فإنّ قاعدة لا ضرر تأتي و تنفي هذا الوجوب كمقدّمة للصلاة. إذن، في الحقيقة هو يفسّر «لا» بأنّها نافية، و لكنّه لا يوجّه النفي إلى الحكم مباشرةً، بل يوجّه حكم النفي باتّجاه الموضوع الضرري و يقول: إنّ حقيقة هذا الموضوع منتفية، أي ينفي ماهيّة الوضوء باعتبار أنّ الوضوء الضرري لا يتحقّق فيه آثار و صفات الوضوء.
[1]. كفاية الاصول: 381. و راجع نهج البلاغة، الخطبة: 27.