وضع اللّفظ للمعنى المعلوم عند من استعمل هذا الحمل؛ لأنّ مفهوم «حيوان ناطق» مفهوم مركّب مفصّل، و بما أنّه كذلك يمتنع أن يكون هو مفهوم الإنسان؛ لأنَّ مفهومَ كلّ لفظ مُفردٍ بسيطٌ [1] انتهى.
أقول: كأنّه حصل له خلط في المقام؛ إذ ليس المراد أنّ «الحيوان» له مفهوم مُستقلّ، و كذلك «الناطق» له مفهوم مستقلّ، يحملان على الإنسان أو العكس، بل المراد: أنّ لفظ الإنسان بما له من المعنى الارتكازي يُحمل على ما يكون «الحيوان الناطق» مفصّله، فالإنسان جوهر جسم مطلق، و حيوان ناطق، فحقيقة الإنسان ليس عين هذا المفصَّل، بل هو عين ما هذا المفصّل تفصيله.
ثمّ قال: و أمّا الحمل الشائع- الذي ملاكه الاتّحاد في الوجود و التغاير في المفهوم-: فهو تارة يكون بين الطبيعي و فرده، نحو قولك: «زيدٌ إنسان» و اخرى بين الكلّيّين المتساويين، نحو قولنا: «الإنسان ضاحك» أم أحدهما أعمّ من الآخر، نحو:
«الضاحك حيوان»، و الظاهر إمكان استكشاف الوضع بالنحو الأوّل أي حمل الطبيعي على فرده ... إلى أن قال:
و أمّا النحوان الآخران:- أعني بهما حمل أحد الكلّيّين على الآخر- فلا يمكن استكشاف الوضع من صحّة حمل أحدهما على الآخر إلّا بإرجاعه إلى النحو الأوّل؛ بتقريب: أنّه لا شبهة في أنّ حمل أحد الكلّيّين على الآخر إنّما يصحّ بالحمل الشائع، لا بالحمل الأوّلي؛ لفرض عدم الاتّحاد بينهما مفهوماً، فلا محالة يكون الاتّحاد بينهما بحسب الوجود، و هو لا محالة فرد لأحد الكلّيّين، و أحدهما طبيعة، فيستكشف بالتقريب الأوّل وضع اللّفظ لطبيعي ذلك الفرد؛ أعني به الوجود الذي اتّحد فيه الكلّيّان [2] انتهى.