و فيه: أنّه يكفي في المرجّحيّة اختيارُ الواضع لفظاً خاصّاً لمعنىً خاصّ، و ترجيحه له لبعض المناسبات و الجهات الموجودة في نظر الواضع و لو لم تكن ذاتيّة، مع أنّ لزوم الترجيح بلا مرجّح- مع قطع النظر عن ذلك أيضاً- ممنوع.
هذا، مع قيام البرهان على خلافه، فإنّا لو فرضنا معنىً بسيطاً من جميع الجهات، وُضعت له ألفاظ متعدِّدة، مثل «اللَّه» تعالى في اللّغة العربيّة، و لفظ «خدا» في الفارسيّة، و نحو ذلك في اللّغات الاخر، فلو كان لكلّ من هذه الألفاظ مناسبة ذاتيّة مع الذات المقدَّسة، للزم وجود جهات عديدة فيه تعالى، و هو خلاف فرض أنّه تعالى بسيط من جميع الجهات.
و قد يُقال: بتحقّق المناسبة بينهما بعد الوضع بسببه.
قال في «الدرر»: الوضع عبارة عن التزام الواضع و تعهّده بأنَّه متى أراد إفهام الغير لمعنىً تكلّم بلفظ كذا، فإذا التفت المخاطب إلى هذا الالتزام، ينتقل إلى ذلك المعنى عند سماع ذلك اللفظ منه، فوجود العلاقة بين اللّفظ و المعنى نتيجة ذلك الالتزام [1].
لكن قد عرفت أنّ الوضع ليس إلّا عبارة عن جعل اللّفظ للمعنى، و أمّا الالتزام المذكور في كلامه فهو من المُستعملين، لا من الواضع.
و قال في «الكفاية»: الوضع نحو اختصاص للّفظ بالمعنى و ارتباطٍ خاصّ بينهما ناش من تخصيصه به تارةً، و كثرة استعماله فيه اخرى [2].
و قال في موضع آخر ما حاصله: أنّ قُبح المعنى و حسنه يسريان إلى اللّفظ و يصير حَسناً أو قبيحاً؛ لأنّ اللّفظ يصير فانياً فيه عند الاستعمال [3] انتهى.
و قد عرفت ممّا ذكرنا الجواب عن ذلك، و ما ذكره من السراية ممنوع، و اشمئزاز