الفصل السابع في أنّ صيغة الأمر هل هي موضوعة للوجوب، أو الاستحباب، أو لمطلق الطلب؟
[أمّا في الإيجاد التكويني]
أقوال: و لا بدّ أوّلًا من التعرّض لبيان معنى الوجوب و الاستحباب، ثمّ تحقيق ما هو الحقّ في المقام، فنقول: الأفعال مختلفة من حيث اختلافها في الاشتمال على المصالح المختلفة؛ لأنّ المصلحة الكامنة في الفعل: إمّا ملزمة أو غير ملزمة، و مراتب الملزمة أيضاً مختلفة قد تبلغ إلى النهاية، فتُحرِّك العضلات بنحو الفور و السرعة نحو الفعل؛ بحيث ربما يوقع و يجعل نفسه في معرض المهالك؛ لإيجاد ذلك الفعل كإنقاذ ولده الشفيق عليه من الحرْق و الغَرَق و نحو ذلك.
هذا في الإيجاد التكويني.
و أمّا الإيجاد التشريعي:
[أمّا فى الجمل الإنشائية]
يعني إرادة إيجاد الغير له في الخارج لترتّب مصلحة عليه، فيأمره بإيجاده، و هذا الأمر و البعث أيضاً كسائر الأفعال الصادرة من الإنسان مسبوق بمبادئ الإرادة من التصوّر و التصديق بالفائدة و غيرهما، فتتحرّك عضلة اللسان نحو الأمر و البعث، و لكن هذا البعث لا يوجب انبعاثه، بل يوجب خطور المأمور به في ذهن المكلّف المأمور و تصوّره المصلحة و الإرادة، فتتحرّك عضلاته نحو الإتيان بالمأمور به فالانبعاث مسبَّب عن مقدّمات الفعل الاختياري، لا عن البعث و الأمر، و مراتب الانبعاث أيضاً مختلفة بحسب اختلاف مراتب المصلحة الملزمة، أو بحسب مراتب الخوف في العبيد، و المرتبة العليا من الانبعاث هي الناشئة عن الخوف من العقاب، مثل يحيى (عليه السلام).