اسم الکتاب : تلخيص البيان في مجازات القرآن المؤلف : السيد الشريف الرضي الجزء : 0 صفحة : 55
أيا خاطبا ودي على النأي إننى # صديقك إن كنت الحسام المهندا
فاني رأيت السيف أنصر للفتى # إذا قال قولا ماضيا او توعدا
انه يلحن له في هذا القول عن مؤازرته فيما يرومه، و عن تقريبه الى الدعوة له، بيد انه لا يصارحه فى ذلك كما يصارح أبا إسحاق الصابي.
إن الصابي كان-خصوصا بعد ما أفقده عضد الدولة كرامته و مقامه من كتابة ديوان الإنشاء-يستميل الشريف بمثل قوله: «أبا حسن لى في الرجال فراسة» ، و يمنيه الأمانى و يؤكد له المطامع و الآمال، ليستعيد مقامه الأول، و ربما كان حماس الشريف نفسه و تطلعه للخلافة يأخذ من الصابي مأخذه-و هو شاعر يستهويه الخيال فيتحول الى حقيقة ماثلة-فيجد في ذلك ضوء لنيل آماله و استعادة كرامته؛ و لكن الشريف كيف يجيب عن تلك الفراسة، و بالأحرى المماذقة و المواربة؟. انه يعده بالمكافأة التامة، و مشاطرة النعمة إن حصلت أمانيه و صدقت به الفراسة، و لكنه بالآخرة يقول له غير متردد و لا شاك:
فو اللّه لا كذبت ظنك إنه # لعار إذا ما عاد ظنك مخفقا
فان الذي ظن الظنون صوادقا # نظير الذي قوّى الظنون و حققا
و سواء كان الصابي-الذي حلب الدهر أشطره-صادق النية و مخلصا للشريف او مواربا كما أظن، او هو كما يقال [1] يزعم أن طالعه النجومي يدل على نيله الخلافة، فان الشريف هو المنبه لشعور الصابي و أمثاله، و هو هو الذي قد مازج حب الخلافة نفسه منذ صباه، و لقد كان يستوحش إذا