نعم لو ادعى بان الوضع مشروط و هو ان الواضع اشترط فى استعمال اللفظ بانه كان فانيا في مصداقه الحقيقى لا المجازى الادعائى فحينئذ للنزاع فيه مجال واسع لان المجاز بناء على المشهور هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له اللفظ استعمالا بالقرينة لا انه استعماله فيما وضع له، و السر في جواز هذا الاستعمال هو وجود احدى العلائق المذكورة في محلها و عليه يجب ان يكون الاستعمال بترخيص من الواضع ثانيا بعد ترخيصه اولا للمعنى الحقيقى و عليه كان المجاز يحتاج فى استعماله الى وضع الواضع. فلا يتم ما ذكره المحقق الخراسانى من كفاية مجرد حسن الطبع.
(فان قلت) اين الواضع حين الاستعمال حتى يرجع اليه في وضع العلائق بل الاستعمال لا بد و ان يكون بيد العرف يجوزون حيثما يجوزون عند احتياجهم فى محاوراتهم.
(قلت) ليس الامر كذلك بل كان لكل لغة قواعد و ضوابط صدرت من واضعها فيرجع اليها عند الاستعمال و ان كان الواضع غائبا، و لغة العرب لها ضوابط مخصوصة نظير كل فاعل مرفوع و كل مفعول منصوب فمن لم يراع هذه الضوابط فقد خرج عن طريق المحاورة و وقع فى خطأ عظيم، فالعلائق المذكورة فى باب المجازات ايضا هى الضوابط و القواعد للاستعمال المجازى و صحته فمن تصدى باستعمال اللفظ فى المعنى المجازى لا بد له ان يلاحظ وجود احدى هذه العلائق فى استعماله حتى لا يتخلف عما ضبطه الواضع للاستعمال و لا يقع فى خبط و غلط و هذا معنى الوضع النوعى فى المجاز و لزوم المراجعة اليه.
هذا تمام الكلام فى استعمال اللفظ فى المعنى المجازى و مختارنا فى المسألة هو الوضع النوعى من الواضع فى استعمالات المجازية على التفصيل الذى ذكرنا.