أيضاً أنَّا ما لم نقطع بحجّيتها لا يمكن رفع اليد بها عن دليل أصالة الحلّ مثلًا، فدليل الأصل الجاري في الواقعة و المؤمّن عن التكليف المشكوك هو المرجع ما لم يقطع بحجّية الأمارة المثبتة للتكليف. و بهذا صحّ القول: إنّ الأصل عند الشكّ في الحجّية عدم الحجّية، بمعنى أنّ الأصل نفوذ الحالة المفترضة لو لا تلك الأمارة من منجّزية أو معذّريّة.
مقدار ما يثبت بالأدلّة المحرزة:
الدليل المحرز له مدلول مطابقيّ و مدلول التزاميّ، فكلّما كان الدليل المحرز حجّةً ثبت بذلك مدلوله المطابقيّ، و أمّا مدلوله الالتزاميّ ففيه بحث، و حاصله: أنّ الدليل المحرز إذا كان قطعيّاً فلا شكّ في ثبوت مدلولاته الالتزاميّة به، لأنّها تكون قطعيّة أيضاً، فتثبت بالقطع كما يثبت المدلول المطابقيّ بذلك. و إذا كان الدليل ظنّياً و قد ثبتت حجّيته بجعل الشارع كما في الأمارة، مثل خبر الثقة و ظهور الكلام فهنا حالتان:
الاولى: أن يكون موضوع الحجّية أي ما حكم الشارع بأنّه حجّة صادقاً على الدلالة الالتزاميّة كصدقه على الدلالة المطابقيّة، و مثال ذلك: أن يرِدَ دليل على حجّية خبر الثقة، و يقال بأنّ الإخبار عن شيء إخبار عن لوازمه، و في هذه الحالة يثبت المدلول الالتزاميّ، لأنّه ممّا أخبر عنه الثقة بالدلالة الالتزاميّة، فيشمله دليل الحجّية المتكفّل للأمر بالعمل بكلّ ما أخبر به الثقة مثلًا.
الثانية: أن لا يكون موضوع الحجّية صادقاً على الدلالة الالتزاميّة، و مثال ذلك: أن يرِدَ دليل على حجّية ظهور اللفظ، فإنّ الدلالة الالتزاميّة غير العرفيّة ليست ظهوراً لفظيّاً، فلا تشكِّل فرداً من موضوع دليل الحجّية، فمن هنا يقع البحث في حجّية الدليل لإثبات